وفي هذا المعرض مجال طيب لدراسة الفن البريطاني المعاصر، كما أنه مجال خصب للتأملات الحرة التي تتصل بجوهر الفن عامة دون تقييد بعصر من العصور أو أمة من الأمم.
وجولة سريعة في هذا المعرض تقنع المشاهد أن الفنان الإنجليزي يبلغ أوجه عندما يرسم مناظر الطبيعة الريفية في بلاده، فالصورة رقم ٧ (سنودنيا - لرايموند كوكن) تتميز بقوة التصميم والتعبير وحرارة اللون ودقته وحيوية العاطفة. والصورة رقم ٨٣ (منظر طبيعي في وادي ستور - لرولاند سدبي) تمتاز بالتعبير الشعري وحسن اختيار اللون والشكل. والصورة رقم ٢٧ (كنيسة - بريشة د. أبز) والصورة رقم ٥٧ (تلال - لفيفيان بشفورت) تمتاز بالألوان الحية المعبرة.
والصورة رقم ٧٣ (براري في دورست - لستانلي سبنسر) ليست إلا صلاة للطبيعة بالشكل والألوان وهي تتسم بنضوج العاطفة وحرارتها وقوة الأداء، وتستطيع أن تشعر صادقاً وأنت تتأمل هذه الصورة بذلك الشعور الصوفي الذي يستولي على الفنان عندما ينساق إلى الرسم انسياقاً استجابة لقوة أكبر منه. . .
وللرسام ولسن ستير (١٨٦٠ - ١٩٤٢) أربع لوحات وستير من أقطاب المدرسة التأثرية، واحد مؤسسي نادي الفن الإنجليزي الحديث الذي كان له أكبر الأثر في اتجاه الفن المعاصر بإنجلترا. تعلم في باريس، ورسومه الأولى متأثرة كل التأثير بمانيه، وديجا، ومونيه، ورينوار، ولكنه استطاع فيما بعد أن يتخلص إلى أحد ما من طابع التأثريين ويسير في طريق كبار الرسامين الإنجليز مثل ترنو وكونستايل وجيتر بورو. وصورة الأخيرة تجمع بين الطابعين الإنجليزي والفرنسي. وهو يجيد كل الإجادة عندما يرسم الأراضي المغطاة بالغابات والمساحات الشاسعة التي تغمرها الظلال والأضواء. وهو خير من بين لنا أي تأثير كبير يستطيع أن يحدثه الفنان الكبير في نفوسنا مع بساطة الأداء وسذاجته.
وأنا حين أضفي هذه الصفات السخية على هذه الأعمال الفنية التي ذكرتها لا أعني أن كل هذه الأعمال توضع جنباً إلى جنب مع روائع التراث الفني العالمي، ونحن لا نستطيع أبدا وليس من حقنا أن نطالب الفنان بما ليس في طوقه، إنما نستطيع أن نلزمه بالصدق والإخلاص لعاطفته والمحافظة على كيان شخصيته وطابعها، وهو إذا التزم هذه الحدود