للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بعض علمائنا وأدبائنا الأعلام في الجري وراء القوت اليومي، ولا يجد عض طلبة العلم ما يسدون به رمقهم في بعثة علمية منزهة عن المحسوبية وما إليها.

والواقع أن عللنا وآفاتنا كثيرة نشأ معظمها من الاستعباد وطول عهوده، وقد أصبحنا وفينا مركب الشعور بالنقص ? وهذا واضح جلى في (معاملات) المصريين والأجانب، وما بقيت هذه العلة بغير علاج حاسم فستظل (الامتيازات) في نفوسنا وأخلاقنا وإن تكن قد محيت في الورق والمعاهدات

وقد أصبحت هذه الحالة مدعاة لليأس والتشاؤم؛ ففريق من المصريين يقول: إنه لا أمل في إصلاح هذا الشعب. وفريق من الأجانب، وعلى رأسهم المؤرخ الكبير جبرائيل هانوتو، يقولون: إن مصر لا غنى لها عن الأجانب، وإن مركزها الجغرافي إلى جانب ذلك يفرض عليها قبول سيطرة الدولة التي تهيمن على البحر الأبيض، أي قبول الاستعباد في شكل من أشكاله

وقد أخطأ الفريقان في نظرهم وتشاؤمهم، ويرجع ذلك الخطأ إلى انهما قد أصدرا حكماً على الشعب المصري باعتباره قد استكمل أداته للكفاح، وأخذ أهبته وجرب وكبر واستقر، وبعبارة أخرى قد قطع مرحلة الانتقال وظهرت ملامح شخصيته الثابتة من حسنات وعلل وعورات

ولو أنهما انتبها إلى أن حالة مصر اليوم لا تزال حالة انتقالية، وأن بعض العلل التي نراها ليست من العلل (المزمنة)، وقد تكون غريبة عن جوهر الخلق المصري الصحيح، وإنها إذا عولجت انتفت عنه، وزالت كما يزول كل عرض، أقول لو انهما انتبها إلى ذلك لفهما أن تشاؤمهما أكبر خط يتهدد الفكرة الإصلاحية بل وكل فكرة تطمح إلى المثل العليا، والسير بالبلاد إلى ابعد الغايات.

محمد صبري

<<  <  ج:
ص:  >  >>