للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

هذا النوع من الحركات، بل مصدرها حركات النفس التي تشيع في الجسد وقد امتلأ ضوءاً فتعكس فيه رؤية مشرقة. وبعد أشهر طويلة من الجهد المتصل ركزت فيها اهتمامي في هذه البؤرة الموحدة لاحظت أنني عندما أنصت إلى الموسيقى تنساب إلى أشعة وموجات. تجري في فيض متلاحق نحو منبع الضياء في نفسي حيث تنعكس الرؤية المشرقة. ولم يكن هذا المنبع مرآة نفسي بل مرآة روحي وبفضل إشراق تلك الرؤية كنت أستطيع أن اعبر عن الموجات الموسيقية بحركات راقصة). ولا غرابة في ذلك فقد ولدت ايزادورا الأمريكية الأصل على شواطئ البحار فاعترفت بأن فكرة الرقص لم تأتيها إلا من مشاهدة أمواج البحر، وكان أول رقص لها على إيقاع ذلك الموج. وما من شك في أن للنفوس البشرية إيقاعاً يناغم إيقاع الطبيعة. ولقد قالت تلك الأديبة البارعة (أن الرقص كان موجوداً في نفسها ولكنه نائم فأيقظته)

وما أريد أن أختم هذا المقال دون أن أذكر أحد أساتذتي الفرنسيين وهو لويس سيشان، وقد كان رجلاً جاداً على رقة نفسه، رجلاً حي القلب حي الضمير، وقد تعلقت تعاليمه فبحث عن مؤلفاته، وإذا من بينها كتاب قيم عن الرقص عند الإغريق القدماء، فدهشت لأستاذ في الجامعة يكتب عن الرقص، وكنت لا أزال حديث عهد بالشرق وأحكامه، ولكنني لم أكد أتناول الكتاب حتى وجدته قد صدره في أول صفحة بثلاث كلمات لأفلاطون قالها الفيلسوف عن الشعر، وأبي أستاذنا إلا أن يطلقها على الرقص، وهي قوله (شئ خفيف مجنح مقدس)

محمد مندور

المحامي

-

<<  <  ج:
ص:  >  >>