للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

غفر معها ما سلف من ذنوبهم، وتأهلوا لأن يغفر لهم ما يحصل من الذنوب اللاحقة إن وقعت منهم وقد خصهم الله تعالى بذلك تكريما لجهادهم، وإعلانا عن عظيم حبه لهم، وما أحسن ما قيل في هذا الشأن:

وإذا الحبيب أتى بذنب واحد ... جاءت محاسنه بألف شفيع

وموضع العظة لنا من هذه القضية أنه كان لنا جهاد سابق جمع كلمة الأمة، وأيقظها من رقدتها، وسار بها في طريق الإصلاح والنهوض، فجنت من ثمار الجهاد ما جنت، وقطعت شوطا بعيداً في طريق الإصلاح ثم تنكرنا لذلك الجهاد، وأخذنا نجرح الذين قاموا به، ونرميهم بكل قبيح، ونكيل لهم التهم جزافا وتنكر أولئك المجاهدون بعضهم لبعض، فضعفت ثقة الأمة فيهم، وضاعت القدوة الصالحة التي تكون محل الثقة والقداسة، وعاد كل شخص إلى سيرته الأولى قبل ذلك الجهاد، لا يهمه إلا أمر نفسه، ولا يسعى إلا في سبيل مصلحته.

فهل لنا أن نعود إلى ماضينا فنتعظ بموضع العظة منه، وننظر إلى المجاهدين فينا كما كان ينظر سلفنا إلى المجاهدين فيهم، ولا نتنكر لجهادهم كما نتنكر الآن، فنحاسبهم على الهفوة بأشد ما يكون من القسوة، ونسلك في حسابهم سبيل التشنيع والتشهير، وهم لم يصلوا في هفوتهم إلى تلك الخيانة العظمى التي ارتكبت في تلك القضية.

وهل لأولئك المجاهدين أن يعودوا إلى سيرتهم الأولى، فيمد بعضهم يده إلى الآخر، ويعرف له فضل جهاده الأول، ذلك الجهاد الذي كان فينا مثل جهاد أهل بدر؟

عبد المتعال الصعيدي

<<  <  ج:
ص:  >  >>