للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله جل جلاله يجازي الظالمين والآثمين فكيف يجوز أن يجازي الله شخصاً أًمر أن يقوم بعمل فقام به، أو يكون العقاب في الدنيا فضلا عن ذلك عقاباً موجهاً ضد إرادة الله تعالى، فالله أراد أن يكون ذلك الرجل شريراً فأصبح شريراً ومن الحيف إنزال العقاب بشخص لم يكن له في العمل أي استطاعة أو اختيار).

يقول يوحنا بعد ذلك (وسيتعجب العربي من هذا القول، وسيقول لك ولكنك أشركت من حيث لا تدري، وعلى المسيحي أن يجيبه فوراً ولكنك نسبت الظلم إلى الله من حيث لا تدري. ثم ليباغت المسيحي المسلم بهذا السؤال: من خلق نطفة ولد الزنا في بطن أمه؟ سيقول المسلم: الله. وعلى المسيحي أن يرد عليه بقوله: إن الزنا عمل قبيح وهو في حد ذاته شر، فالله على قولكم إذا ساعد على هذا الشر، وهو أمر لا يليق بالله تعالى).

ويجيب يوحنا على لسان المسيحي بهذا الجواب (إننا معاشر النصارى نعتقد بأن الله لم يخلق شيئاً بعد أسبوع الخلق الأول. وإنما أمر الله عبيده بعد ذلك بالاستمرار على التكاثر والإنتاج. فجعل في صلب آدم أبي البشر قدرة الإنتاج وأصبح الإنسان منذ ذلك الحين منتجاً) وظن يوحنا بأنه قد تغلب على المسلمين بهذا الجواب. وقد رّدد تلميذه أبو قرّه الذي عاصر الخلفاء العباسيين هذه النغمة في الفصول (الميامي بالآرامية) التي ألفها في الرد على اليهود والمسلمين. وكأنك تقرأ في هذه الميامي النزاع الذي كان بين القدرية والجبرية أو بين المعتزلة والأشاعرة. تقرأ في الرسالة الأدلة والبراهين التي استعملها المعتزلة في خصامهم مع الأشاعرة والفرق الأخرى تماماً.

(البقية في العدد القادم)

جواد علي

<<  <  ج:
ص:  >  >>