للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

رضي الله عنها أرسلت إلى النبي جراداً محسوساُ أي سوى على النار. وفي حديث غزوة حنين (أرى كتيبة حرشف) أي فرقة من الرحالة شبهوا بالحرشف أي الجراد لكثرتهم.

وقد ورد الجراد بأسمائه المختلفة في أمثال العرب وحكمهم وأشعارهم فقالوا (إذا أجدب الناس أتى الهاوي والعاوي) والهاوي هو الجراد والعاري هو الذئب. وسمي الجراد بذلك لأن له هويا أو دويا يعني صوتاً. وقد سمى بعض العرب خيلهم بالجرادة والخيفانة، تشبيها لها به في خفته وسرعته، فسمى عبد الله بن شر حبيل فرسه بالجرادة. وجرادة العيار اسم فرس في الجاهلية لأعرابي اسمه العيار صاد جراداً وهو جائع ودسها في النار وصار يخرجها واحدة واحدة ويأكلها حية وهو لا يدري من شدة الجوع فطارت منها جرادة فقال: (والله إن كنت لأنضجهن) فضرب ذلك مثلا لكل من أفلت من كرب. وقيل كانْ العيار رجلا أعْلَم أخذ جرادة ليأكلها فأفلتت من عَلَم شفته، ويصف العرب الفرس والناقة السريعة بأنها خيفانة لسرعة عدوها وخفتها وطمورها كالجراد قال عنترة:

فغدوت تحمل شكتي خيفانة ... مرط الجراء لها نميم أتلع

وقال امرؤ القيس:

وأركب في الروع خيفانة ... لها ذنب خلفها مسبطر

وقال مشبها الخيل بالحرشف:

كأنهم حرشف مبثوث ... بالجو إذ تبرق النعال

والحرشف ضرب من الجراد قال الراجز:

يا أيها الحرشف ذا الأكل الكُدَم ... يعني الشديد الأكل.

ويقول العرب في أمثالهم (صر الجندب) وهو مثل يضرب للأمر يشتد حتى يقلق صاحبه. والأصل في هذا المثل أن الجندب وهو الجراد إذا أرمض من شدة الحر لا يستقر على الأرض بل يطير فيسمع لرجليه صرير. وقد وصف ذلك أحد شعرائهم بقوله:

قطعت إذا سمع السامعون ... من الجندب الجون فيها صريرا

والجندب من أسماء الإساءة في لغة العرب فتراهم يكنون به الظلم والغدر والداهية فيقولون (وقع القوم في أم جندب) إذا ظلموا. قال الشاعر:

قتلنا به القوم الذين اصطلوا به ... جهاراً ولم نظلم به أم جندب

<<  <  ج:
ص:  >  >>