للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لئن كان هذا اليوم يوما حويته ... فإن رجائي في غد كرجائكا

ويقول فيه:

قلت لها حين أكثرت عذلي ... ويحك أزرت بنا المروءات

قالت فأين السراة قلت لها ... لا تسألي عنهمو فقد ماتوا

قالت ولم ذاك قلت لها ... هذا وزير الإمام زيات

ويقول له:

فإن تكن الدنيا أنالتك ثروة ... فأصبحت ذا يسر وقد كنت ذا عسر

فقد كشف الإثراء منك خلائقا ... من اللؤم كانت ثوب من الفقر

ويقول فيه:

من يشتري مني إخاء محمد ... أم من يريد إخاه مجانا

أم من يخلص من إخاء محمد ... وله مناه كائنا ما كانا

ونظن أن محمد بن عبد الملك الذي يقول: (الرحمة خور في الطبيعة وضعف في المنة) ويقول: (ما رحمت شيئا قط) والذي يكثر أعداؤه وحساده، حتى يضيق بهم ويضيقوا به، وينال منهم وينالوا منه - تظن أن هذا الرجل لا يعرف قلبه الرفق ولا اللين ولا تحس نفسه شيئا من الأحاسيس التي تحمل على الرقة وتدفع إلى العطف، وتلفت العقل إلى ما لا يهنأ العيش به، ولا تجمل الحياة إلا بطلبه، ولعلك تستبعد أن يكون منه ما يكون من ذوي القلوب الرقيقة فيواد أو يتعشق أو يتنادر، فلا تنس أنه شاعر فهو في الواقع يجمع بين جفاء الحاكم القاسي القلب، ورقة الشاعر الذي يحس بما في الحياة من لذة وألم، وعرف ونكر.

اعتل الحسن بن وهب كاتبه، فتأخر عنه أياما كثيرة لا يأتيه رسوله ولا يتعرف خبره، فكتب إليه الحسن:

أيهذا الوزير أيدك الل ... هـ وأبقاك لي بقاء طويلا

أجميلا تراه يا أكرم النا ... س لكيما أراه أيضاً جميلا

إنني قد أقمت عشرا عليلا ... ما ترى مرسلا إلي رسولا

إلى آخر أبيات رقيقة تضمنت عتبا رقيقا فأجابه محمد:

<<  <  ج:
ص:  >  >>