موضعه فتجود في غير مجاد، وما لكل ناشئ اليوم لا يرضي بأقل من الرسالة والثقافة فلا ينشر فيها غذرمته. . . فقد كنا نتمنى جريدة يومية تنشر لنا فما كنا نصل، ونحن يومئذ أقل من أكثرهم اليوم جهلا!
ولقد كنا سألنا مجلات مصر أن تنشر لأدبائنا وتعرف بأدبنا وعتبنا عليها إنها لا تفعل؛ ولكنا لم نرد إلا الأدباء حقا لا أن تنشر لكل من يسود صحيفة ويضعها في ظرف ويبعث بها إلى المجلة. . . ثم تحمل ذلك علينا وتنسبه إلينا وتمثل به على أدبنا، وتقبل حكم صاحبه علينا يرفع منا من يشاء ويخفض من يريد.
والسبيل لا سبيل سواها هي تكليف أحد أدبائنا المعروفين ممن لا يطعن على شخصه وإن خولف في رأيه البحث في أدب الشاميين بحثاً علمياً منظماً خالياً من أثر الحب والبغض، مؤيداً بالدليل مستنداً إلى التحليل فينظم أدوار هذا الأدب وطبقات أهله من جهة السن، ومن جهة الأسلوب والبلاغة، إذ رب شاب هو أبلغ بلاغة، وأصفى ديباجة، وأعلى أدباً، من شيخ يحمل أمجاد نصف قرن، أي أنه يؤرخ أدبنا على نحو ما نؤرخ الأدب القديم الذي تقطعت بيننا وبين أهله أسباب الميل والنفار والحب والكراهية. أما هذا الطريق الذي سارت عليه مجلات مصر إلى الآن فحسبنا ما لقينا من وعره ووحشته والتوائه.