أحوالها المالية والاقتصادية؛ فكان طبيعياً أن تفكر الدول الكبرى في وسيلة لتخفيف هذه المنافسة وتدارك آثارها المخربة؛ ولم تك ثمة سوى وسيلة واحدة لتحقيق هذه الغاية، هي اتفاق الدول فيما بينها على تحديد التسلح بطريقة تراعي فيها ظروف كل دولة وحاجاتها إلى السلامة والدفاع القومي؛ وظهرت هذه الفكرة في نفس الوقت الذي ظهرت فيه فكرة عصبة الامم، واتصلت بها حتى صارت بعد جزءاً منها، ثم أدمجت في ميثاق العصبة ذاته. وكان قيام عصبة الأمم رمزاُ لانتصار الدعوة إلى السلام والوئام بين الامم، والى تغليب التحكم والحسنى في فض المنازعات الدولية؛ وكان تحقيق فكرة نزع السلاح من أهم الوسائل العلمية لتحقيق المثل والأماني السلمية التي علقت على قيام عصبة الأمم. ويجب أن نعلم أن ميثاق العصبة هو قطعة من معاهدة صلح فرساي ذاتها، بل هو الفصل الأول من معاهدة الصلح؛ وفي هذا الميثاق ذاته يذكر مشروع نزع السلاح اكثر من مرة، باعتباره من وسائل تحقيق السلام بين الأمم. واليك النصوص التي وردت بشأنه في الميثاق:
نصت المادة الثامنة من ميثاق عصبة الأمم على (إن أعضاء العصبة يعترفون بان استتباب السلام يقتضي تخفيض التسليحات القومية إلى أدنى حد يتفق مع السلامة القومية، ومع تنفيذ التعهدات الدولية التي يفرضها العمل المشترك.
(ومجلس العصبة مع تقديره للمركز الجغرافي والظروف الخاصة لكل دولة، يعد برامج هذا التخفيض لتبحثه وتبث في شأنه الحكومات المختلفة.
(ويجب أن نبحث هذه البرامج من جديد، وأن تنقح إذا اقتضى الأمر في كل عشرة أعوام.
(ومتى وافقت عليها الحكومات المختلفة فان نسب التسليح التي تقررت على هذا النحو لا يمكن تخطيها دون موافقة مجلس العصبة).
(ولما كان صنع الذخائر وأدوات الحرب بصفة خاصة يثير اعتراضات خطيرة، فان أعضاء العصبة يعهدون إلى المجلس بان يتخذ الإجراءات اللازمة لتلافي نتائجه السيئة، مع مراعاة حاجات أعضاء العصبة الذين لا يستطيعون صنع ما يجب لسلامتهم من الذخائر وأدوات الحرب.
(ويتعهد أعضاء العصبة بان يتبادلون بمنتهى الصراحة والدقة، كل البيانات المتعلقة بنسب تسليحاتهم، وبرامجهم الحربية والبحرية والجوية، والظروف التي يمكن بها استخدام