لقد استمرت هذه الجهود والمفاوضات العقيمة في نزع السلاح أكثر من عشرة أعوام؛ وربما استمرت حيناً آخر. ولكن المحقق أن مؤتمر نزع السلاح صائر إلى موت لا ريب فيه، وانه لم يكن قط ابعد عن غايته مما هو عليه. ويرجع هذا الفشل قبل كل شيء إلى موقف فرنسا وألمانيا؛ فقد جردت ألمانيا من سلاحها طبقاً لمعاهدة الصلح وانتظرت أعواماً طويلة، وفرنسا وباقي الدول تجد في تسليح نفسها، ولم تتقدم أعمال مؤتمر نزع السلاح تقدماً يذكر؛ وكانت فرنسا بإصرارها خلال هذه الأعوام هي الصخرة التي تحطمت عليها كل الجهود التي بذلت في هذا السبيل؛ ولكن ألمانيا الهتلرية جاءت بسياستها العنيفة فزادت المسألة حرجاً وتعقيداً، وألفت فرنسا في تلك الروح العسكرية التي يبثها النظام الهتلري في ألمانيا، وفي تلك المظاهرات العنيفة التي تجري في ظله، وفي ذلك الوعيد الذي يلقيه زعماء ألمانيا الحاليين هنا وهناك، وما يبرر موقفها في التمسك بسياستها العسكرية والمطالبة بتأمين سلامتها ضد الخطر الألماني.
وهكذا بينما يمضي مؤتمر نزع السلاح في جدله العقيم، إذا بالمنافسة في التسليح بين الدول العظمى تبلغ ذروة الاضطرام، وإذا بسياسة المعاهدات السرية والعسكرية وتعود فتغدو سبيل التوازن الأوربي، وإذا بشبح الحرب يلوح بين آونة وأخرى.