وبالتالي لكي يثبت حرية الصحافة والتأليف في إعلان الحق.
واليوم، تتردد لدى بعض الكتاب والمفكرين فكرة مؤداها أنه من المحتمل أن تكون كل معارفنا التي حصلناها، في علم الاجتماع، أو في الاقتصاد السياسي، أو في الأخلاق، إبان الأجيال الماضية، مجرد تبريرات عقلية قد يطرحها الجيل المقبل. وقد وصل المفكر الأمريكي جون ديوي بالفعل إلى هذه النتيجة فيما يتعلق بالفلسفة؛ واستطاع فلبن وغيره من المؤلفين أن يكشفوا عما في الاقتصاد السياسي التقليدي من آراء مبتسرة وافتراضات غير مدركة. واليوم يأتي عالم اجتماعي إيطالي يدعي (فلفريدو باريتو) في كتاب ضخم له عن الاجتماع العام، فيكرس مئات الصفحات، لكي يثبت هذه القضية العامة فيما يتعلق بالعلوم الاجتماعية جميعاً. وهذه النتيجة التي توصل إليها، قد تعتبر في نظر الأجيال المقبلة إحدى المكتشفات العظمى لعصرنا الحديث. وليس بدعاً أن يكون ذلك كذلك، فإن الحقيقة أنه كما كانت علوم الطبيعة المختلفة قبل بداية القرن السابع عشر مجرد ضروب مختلفة من التبريرات العقلية التي تتفق مع المعتقدات الدينية السائدة، فكذلك العلوم الاجتماعية أيضاً قد بقيت - حتى إلى يومنا هذا - مجرد تبريرات عقلية تتفق مع العوائد والعقائد المتقبلة بغير نقد أو تمحيص.
من هذا كله يظهر لنا أنه إذا كنا بصدد فكرة قديمة يسلم بها الناس أجمعون، فإن هذا لا يمكن أن ينهض دليلاً على صحة هذه الفكرة، بل هو - على العكس من ذلك - أدنى إلى أن يكون دليلاً على أنه من الواجب أن نفحص هذه الفكرة بعناية، على أنها مثال محتمل للتبرير الجدلي.