المرحوم (الزهاوي) لشاعرنا من أنه سيحمل بعد شوقي لواء الشعر العربي. حقاً ما كان أزكن الزهاوي رحمه الله؛ أولا فما هذا الشعر الرصين وما هذه الديباجة لمشرقة، وما هذه العصا السحرية التي تمس القلوب إذا خاطب الشرق في اجتماع زعمائه لتأليف الجامعة العربية:
فَقْدُ شراعك لا تسلم أزمته ... لغير كفك، إن الريح هوجاء
يا شرق مجدك إن لم ترس صخرته ... يداك أنت فقد أخلته أهواء
يا شرق حقك إن لم تحم حوزته ... صدور قومك لم تنقذه آراء
بلى، ولئن لم ينزل الشرق هذه الملحمة، ملحمة الكون الكبرى مزوداً بعدته ليهلكن.
ويا لتلك الريشة التي تضرب على أشد أوتارنا حساسية حين تستصرخ العصبة بشأن فلسطين فتهزنا هزاً:
أحلها ذهب الشاري وحرمها ... عصر به حرر القوم الأذلاء
حربان أثخنتاها أدمعاً ودماً ... تنزو بها منهجة كلمي وأحشاء
تطلعت لكم ولهى، أليس لها ... على يديكم من العلات إبراء
الله فيك يا فلسطين الشهيدة.
ولست هنا بسبيل أن آتي على كل قصيدة في ديوان الشوق العائد، وليس ما ذكرت هو خير ما في الديوان، كلا، فإن قصائد الشاعر تمتاز كلها بالجمال روحاً وجسماً، فالمعنى الرائع في اللفظ المنتخب. وإن الملاح التائه ليصور لنا بحرارة وصدق ما تهتز له خوالجه، وإن شعره لينبض حياة بما فيه العناصر الإنسانية التي تشيع في كل ما ينتجه لنا من روائع، ومن هنا يتغافل شعره في نفوسنا ومن هنا يخبأ شعره في قلوبنا.
تحيتي إليك يأ أيها الشاعر الخالد وإعجابي الذي لا ينتهي.