المسيحيين. ويعتبر المسلمون من زمن النبي (صلعم) إلى يومنا الحاضر أن المسيحيين أقرب إليهم أكثر من أتباع أي دين آخر. إن العقائد الروحية السامية المتشابهة بين الديانتين كثيرة، فكلتاهما أسستا على اليهودية، أو بالأحرى إن الإسلام أسس على اليهودية والمسيحية، وكلا الإسلام والمسيحية خرجا من بلد واحد ولهما نفس الأنبياء. وكلاهما يعترف بالعهد القديم (التوراة)، وقد حدثني قس مسيحي عمل في بلاد العرب سنين عديدة قائلا: إن الإسلام شكل من أشكال المسيحية باستثناء الاعتقاد بالعجائب. وقد اتضح لي أن هنالك مظهراً آخر للتشابه بين الديانتين، وهو إصرار كل من المسلمين والمسيحيين على ضرورة الإيمان بحوادث تاريخية معينة، كما وأن لكل من الديانتين شعائر وقواعد يجب إعادتها كل يوم، ونحن قد اعتدنا هذا المظهر من الإيمان في الدين، حتى إنه لم يعد يخطر لنا ملاحظة أهمية ذلك بالنسبة إلى الإسلام والمسيحية.
أنا لست ثقة في البوذية أو الكنفوشية أو الهندوكية، ولكني أرى وأتصور أنهم لا يتشددون في أهمية الإيمان، كما يتشدد المسلمون والمسيحيون، وأرى أن هذا المظهر الذي اتخذته الديانتان أوجد شبهاً كبيراً بين الأمتين
كثيراً ما نسع أن الإسلام عائق لرقي العرب، وبدون شك وجد كثير من المسلمين الذين اعتقدوا بأن الأرض منبسطة، وبأن الاختراعات العلمية من عمل الشيطان، ولكن يجب أن لا يغرب عن بالنا بأن كثيراً من المسيحيين اعتقدوا نفس الشيء، وكانوا هم الذين أجبروا غاليلو على التراجع عندما قال إن الأرض تدور حول الشمس. ومن الإنصاف أن أقرر أن الإسلام دين عملي أكثر من المسيحية من جهات عديدة - فالمسيحية هي التي نطقت بعدم جمع الثروة وفرضت حياة الزهد والتقشف، ولذلك فإننا نجد قول المسيحيين بأن الإسلام دين غير عملي للإثراء غريباً - وإذا نظرنا إلى مبادئه الأولية يظهر لنا أنه دين عملي أكثر من المسيحية، لأن المسيح (عليه السلام) لم يتفق والدرهم أبداً
المناخ
كثيراً ما يكون هواء البلاد وحالتها الجوية مفتاحاً لمعرفة أخلاق السكان، وإذا نظرنا إلى مناخ بلاد العرب نتحقق إنه لا يمكن أن ينبت أمة خاملة. ولا مراء في أن مناخ الشواطئ الشرقية للبحر الأبيض المتوسط هو مناخ البحر الأبيض المتوسط، ولكن إذا ما تجاوزت