أجل صدقوا، مذ مُتِّ يا سرَّ فرحتي ... طُبعتُ كتمثالٍ على الحزن فاجع
أجل يا صديقي، لأن الناس في هذا الزمان يريدون أن يضحكوا دائماً، ويا ليتهم يعرفون كيف يضحكون!
أما أنا فلست بناصح لك أيها الصديق - كما لم أنصح لك في فورة الألم - أن تتسلى، فما أرخص السلوى في الحياة، وما أعز الألم الصادق النبيل؟ وما أفدح الخسارة حين نمسي ونصبح، فإذا أيدينا خالية من هذا الألم الذي يربطنا بأعز أحبابنا، ويصلنا بذلك الماضي الذي لن يعود
وإنني لأقرأ ثم أقرأ في احترام بالغ قصيدتك (تساؤل):
أتغلبني هذي الحياة على حزني ... فاصبح مثلوج الحشى ضاحك السن؟
أيأتي زمان تخطرين بخاطري ... فلا يسبق الدمع الهتون إلى عيني؟
أيجري لساني باسمك الحلو صادحاً ... مبيناً فلا يومي إليه ولا يكنى؟
وقد كان في حلقي يجف ويلتوي ... ويهمس مبحوح الصدى مجهش اللحن!
أيحلو لطرفي أن يطالع صورة ... لحسنك من بعد الفجيعة في الحسن؟
وقد كنت أخفيها وكانت بناظري ... إذا عرضوا عفوا - كغاشية الدجن
أيخلو مكان من خيالك ماثلا ... بكل مكان - أينما سرت - أو ركن؟
ويطغى على نفسي شعور وفكرة ... ولم تشركيني في شعوري وفي ظني؟
ويشغلني شيء ولو بعض ساعة ... فلا أنت في قلبي ولا أنت في ذهني؟
نشدت زماناً يورث الناس سلوة ... ليكفينني برد السلو ويستأتي
بديلي منك الحزن لم يبق غيره ... فلا حبذا السلوان غبناً على غبن
وإني لأستحييك إن غب مدمعي ... وأحزن يوماً إن غبت على حزني
إنك لغني يا صديقي بهذا ال ... كنز من الألم الرفيع النبيل
فكن أمينا عليه، فمثله نادر في هذا الوجود!
سيد قطب
كلمة هادئة - إسكان أواخر الكلمات