العالم وما يحيط بنا من دلائل، تجعل الشك أقوى من الأمل، ولكن المؤمنين بالمساواة يقولون بأن الظروف السائدة ليست بدائمة ولا هي أبدية، بل كل ما عليها يتحرك ويتطور: حتى إذا سلمنا بضعف أنصار الفكرة وقلتهم، وإذا تطرق الشك إلى قلوبنا وقلنا إن الملأ قد يجاهرون ويتظاهرون بما ليس في قلوبهم؛ فإن الفكرة في حد ذاتها سامية، ولها من حيويتها ومنطقها وقوة تأثيرها ما يجعلها من ألزم ضرورات هذا العصر، بل تحمل وحدها ما يهيئ لها النجاح. . .
ولقد دعا الإسلام إليها، وكانت إحدى دعائم القوى التي قام عليها، حينما كانت المثل العليا للإسلام ظاهرة واضحة ملموسة، لا يطمسها جمود رجال الدين وتشاغلهم بأمور الدنيا.
ولقد عجبت كيف يمر هذا الخبر على المسلمين فلا يتحرك منهم عالم أو كاتب أو مجاهد، فيقول فيه قولا يتفق مع تقاليد السلف الصالح وحميتهم - ومصر التي ورثت الشافعي وحملت أرضها طائفة من علماء الدين، كانت عزائمهم تهز الدنيا؟ لم لا نتكلم بما أنزل الله؟
أما نحن، فواجبنا فرض كفاية علينا أن نعطي فكرة سهلة، تثير في النفس رغبة الاستزادة في المعرفة والسعي وراء الحقيقة، وغايتنا أن نضع المتناقضات ملموسة أمام نظر القارئ الواعي، ولذلك نتساءل:
هل صحيح أن بعض الحكومات تفرض على ذوي اللون قيودا لا يحتملها الأوربي، فتضع فريقا من بني آدم في موضع المنبوذين؟
أحق ما يقال من أن في القارة الأفريقية ملايين من الناس محرومون من حق الملكية الفردي والإجماعي في أراضي بلادهم، وبعد مضي قرن ونصف على إعلان حقوق الإنسان؟
أصحيح أن حريات السكان الوطنيين ومساكنهم ومعابدهم لا يحميها القانون العام في بعض المستعمرات، فيحرمهم الحماية التي يتمتع بها بقية السكان؟
إذا كان هذا من المبالغة في القول كما يدعون، فهل الحرية الشخصية وما يتبعها من حرية التملك والعبادة والتعليم والثقافة وتعاطي المهن وحق الانتقال، أمور معترف بها للجميع في القوانين المعمول بها للبيض والسود والسمر على السواء؟ أم هناك تفاوت في المعاملة؟
هذه أسئلة عارضة يزيد من أهميتها ما أذيع أخيرا من أن في القارة الأفريقية مساحات