للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ما يقدرها على إدراك الحق والجمال، وبهذه الثقافة يتسع أفق الأديب فإذا ما تناول موضوعا تناوله عن بصر به وعلم بدقائقه ونواحيه المختلفة.

وقد منيت الثقافة في الحجاز في العهد العثماني بما جعلها ضئيلة متأخرة ومحدودة تافهة لا تغني ولا تنفع في إعداد الأديب المثقف؛ فقد اقتصر التعليم في ذلك العهد على التعليم الابتدائي وهو كما نعلم لا يعد شاعرا ولا يخرج كاتبا، فإذا عرفنا مع هذا أن العناية باللغة التركية قد فاقت العناية باللغة العربية وأن المواد المختلفة في هذه المدارس كانت تدرس بالتركية؛ أمكننا أن ندرك إلى أي حد ضعفت العربية في هذه البلاد.

نعم كان في الحجاز الحرمان الشريفان يقوم فيهما العلماء بتدريس الدين واللغة العربية على الطريقة التي كانت تتبع في الأزهر الشريف وهي طريقة لم يظهر فضلها إلا في حفظ العلوم اللسانية والدينية من الضياع ولكنها لم تجد في تخريج الأدباء والشعراء.

لهذا كله أشفق المصلحون في الحجاز من ذوي المروءة على اللغة العربية ومصيرها فهبوا لإنشاء المدارس التي تنهض بالدين والأدب وكان أسبقهم إلى هذا العمل السيد محمد زنبيل فقد أنشأ مدارس الفلاح في جدة ومكة سنة ١٣٢٦ للهجرة وجاهد في سبيل نهضتها وبقائها على الرغم مما أثير حولها من الشكوك والأوهام، وكان لهذه المدارس الحرة الفضل الأكبر في تخريج طائفة من الشبان هم الآن حملة لواء النهضة الأدبية والفكرية في البلاد الحجازية.

(البقية في العدد القادم)

أحمد أبو بكر إبراهيم

<<  <  ج:
ص:  >  >>