للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال له الملك: انك والأمر كما ترى لا تستحق الجنة جزاء ولا تستوجب النار عقاباً، فعد إذن إلى فلورانسا، وواصل الإحسان على الفقراء عن رضىً ولو بالخبز الأسود، ولا تدع أحداً يحس بالخير الذي تصنعه، وثق بأنك إن فعلت هذا وواظبت عليه تخلص، إذ لا يكفي أن يفتح الله أبواب الجنة للص النادم وللبغي التي تحوبت بغاها وندمت عليه وبكت من اجله وتابت عنه، بل يجب أن يخلص بواسع رحمته من النار غنياً أيضاً، فكن أنت هذا الغني ووال الإحسان ولو بالخبز بعد أن تبينت مبلغ وقعه وثقله في قسطاس العدل الإلهي.

قال الملك هذا واختفى، وبعد قليل أفاق نزلي من رقدة الموت وجلس في سريره يتأمل في ما حدث ويعجب مما رأى. ثم نهض بعد أن وطد النفس على العمل بنصح الملك وموالاة المعوزين بالصدقات والحسنات لينال الخلاص - وهكذا لبث طيلة ثلاث سنوات قضاها على الأرض بعد موته الأول كثير الإشفاق على الفقراء، وافر الرحمة على البؤساء والمعوزين، مواظباً على فعل الخير مواصلاً أعمال البر والصلاح.

حبيب المعوشي

<<  <  ج:
ص:  >  >>