وقد علمنا من طبيعة النفس أن إنسانية الفرد لا تعظم وتسُمو وتتخيل وتفرح فرحها الصادق وتحزن حزنها السامي إلا أن تعيش في محبوب؛ فإنسانية العالم لا تكون مثل ذلك إلا إذا عاشت في نبيها الطبيعي، نبي أخلاقها الصحيحة وآدابها العالية ونظامها الدقيق؛ وأين تجد هذا المحبوب الأعظم إلا في محمد ودين محمد؟
وعجيب أن يجهل المسلمون حكمة ذكر النبي العظيم خمس مرات في الأذان كل يوم ينادى باسمه الشريف ملء الجو، ثم حكمة ذكره في كل صلاة من الفريضة والسنة والنافلة يهمس باسمه الكريم ملء النفس! وهل الحكمة من ذلك إلا الفرض عليهم ألا ينقطعوا من نبيهم ولا يوما واحداً من التأريخ، ولا جزءاً واحداً من اليوم، فيمتد الزمن مهما امتد والإسلام كأنه على أوله، وكأنه في يوم ولا في دهر بعيد. والمسلم كأنه مع نبيه بين يديه تبعثه روح الرسالة، ويسطع في نفسه إشراق النبوة، فيكون دائماً في أمره كالمسلم الأول الذي غير وجه الأرض؛ ويظهر هذا المسلم الأول بأخلاقه وفضائله وحميَّته في كل بقعة من الدنيا مكان إنسان هذه البقعة لاكما نرى اليوم؛ فان كل أرض إسلامية يكاد لا يظهر فيها إلا إنسانها التاريخي بجهله وخرافاته وما ورث من القدم؛ فهنا المسلم الفرعوني، وفي ناحية المسلم الوثني، وفي بلد المسلم المجوسي، وفي وجهة المسلم المعطل. . . وما يريد الإسلام إلا نفس المسلم الإنساني.
أيها المسلم!
لا تنقطع من نبيك العظيم، وعش فيه أبدا، واجعله مثلك الأعلى، وحين تذكره في كل وقت فكن كأنك بين يديه؛ كن دائماً كالمسلم الأول؛ كن دائماً ابن المعجزة.