اطلعت في البريد الأدبي بالرسالة تحت هذا العنوان على نقد للأبيات التي وردت في كتاب (في بيتي) للأستاذ الكبير عباس محمود العقاد، وقد أشار فيه الكاتب إلى أن صدري البيتين الثاني والثالث خارجان عن البحر، وأنهما لا يصحان على وجه من الوجوه. قال: ثم بحثت الأمر لأتأكده فظهر لي ما أدركته أولاً، كذا!
ولما كان الروي هو التاء المكسورة، وكان الوقف لا يصح عليها، لأن (القصر) لا يدخل البحر المجتث، ظهر لي أن في البيت الثالث إقواء، فكلمة (أداه) في البيت لا يصح جرها بحال
وأحب أن أعفي الأستاذ العقاد من الرد على هذا النقد، فقد كان في استطاعة الكاتب أن يرجع إلى هذه الأبيات في ديوان (وحي الأربعين)، ليرى أن الشاعر قد وضع علامة السكون على القافية. . . وكان في حل من وضع هذه الإشارة، لأن القوافي ليست من حركة واحدة. . ويحسن بي أن أطلع القارئ على هذه الأبيات كاملة كما قرأتها في (وحي الأربعين) ليصدر حكمه عليها:
النور سر الحياة ... النور سر النجاة
النور شوق النهى ... النور وحي الصلاة
النور شوق الفتى ... النور شوق الفتاة
المحهْ بالروح لا ... لمح العيون الخواة
ما تبصر العين من ... معناه إلا أداة
هذا سبيل الهدى ... لا ما افتراه الهداة
ويتبين من هذه الأبيات أن وزنها:
مستفعلن فاعلن ... مستفعلن فاعلان
بسكون التاء في القافية، وإذ كانت الموسيقى هي رائد الشاعر في كل ما ينظم، فمن واجب الناقد أن يحلها المحل الأول حين يعرض لهذه الناحية من الكلام، فقد يعن للشاعر أن ينظم على وزن جديد، أو أن يأتي بنظام لم يسبق إليه، وهو بعد صحيح سليم تتقبله الأذن وتستطيبه النفس
فمن الحجر على الشعر والشعراء أن نقول لهم: قفوا عند حدكم، فإن الأقدمين قد وقفوا عند