المقصود منها فإنها واحدة من الصلوات الخمس، إذاً فما معنى العطف في وقوله تعالى:(والصلاة الوسطى) بعد أن ذكر الصلوات كلها؟ عللوا ذلك بقولهم أنه تعالى:(أفردها بالذكر لفضلها).
ثم ذهبوا مذهباً بعيداً للتفتيش عن ذلك الفصل. ولو ذهبنا نحن إلى أن الصلوات لم تكن كاملة إلى أن هاجر الرسول إلى المدينة ثم كمل ذلك فيما بعد لما احتجنا إلى كل هذه الاحتمالات. وخبر الإسراء خبر وما جاء فيه لم يذكر في القرآن.
ولليهود في القديم صلاتان: صلاة عند الصباح وصلاة عند المساء وتعرف عندهم باسم (شماع) أو (سماع) ' تقرأ في الصلاتين وصية إسرائيل (اسمع يا إسرائيل، الرب إلهنا رب واحد. فتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك. ولتكن هذه الكلمات التي أنا أوصيك بها اليوم على قلبك) وتقرأ عند المساء والصباح من كل يوم (وقصها على أولادك وتكلم بها حين تحبس في بيتك وحين تمشي في الطريق وحين تنام وحين تقوم).
وفي الديانة الفارسية القديمة صلاتان: صلاة في الصباح عند النهوض، وصلاة في المساء قبيل الذهاب إلى الفراش وهي تشبه صلاة (الشماع) عند اليهود. والغرض من الصلاتين التوسل إلى (مزدا) لطرد الأرواح الخبيثة والأنفس الشريرة. وفي وسع المؤمن طرد الشيطان بالصلاة عند الصبح، فبعد النهوض من الفراش يتجه الإنسان إلى فيصلى له الصلوات الثلاث ثم يذكر اسم مرتين واسم ثلاث مرات واسم أربع مرات ثم يصلي إلى - فتهرب الأرواح الخبيثة من الإنسان ولا تمسه بعدئذ بسوء وقد نشأت من ذلك تعاويذ خاصة يقرؤها الإنسان لطرد الخبائث والشياطين عنه
وقد انتقلت مثل هذه الأفكار البدائية إلى اليهود أيضاً. فكان يوشع بن لاوي يشفي الأمراض بقراءة بعض الآيات من المزمور الحادي والتسعين، ولكن كان من المحرم قراءة شئ من التوراة على المرضى.
وذكر عن (هونا) عن (يوسف) أن الإنسان يصلي صلاة (الشماع) لطرد الأرواح الخبيثة ولأبعادها عن المصلى). وقد استخدمت المسيحية قراءة الكتاب المقدس لغرض إشفاء المرضى وكذلك الصلاة