- بعد الدراسة الدقيقة - أن مجموعة من اللغات ليس بينها تشابه ترجع إلى أصل واحد، ففي مثل هذه الحال ما كان يعتبر عائلات لغوية متعددة هو في الواقع عائلة لغوية واحدة.
ولكي نقدر التشابه بين اللغات فإن الكلمات التي تتخذها برهاناً يجب أن يتوافر فيها شرطان: أولاً التشابه في اللفظ، وثانياً التشابه في المعنى، فالكلمة الإنكليزية والكلمة الفرنسية يتشابهان في اللفظ ولكنهما يختلفان في المعنى، بحيث لا يمكن أن نرجعهما إلى أصل واحد، فكلمة مشتقة من الكلمة اللاتينية بينما كلمة تمت بصلة إلى الكلمة الألمانية وهاتان الكلمتان وتختلفان في اللفظ والمعنى فلا يمكن إرجاعهما إلى أصل واحد. وإذا فرض أن ضاع الأصل اللاتيني والألماني ولم يكن يعرف شئ عن تاريخ اللغتين الإنجليزية والفرنسية، ولم يكن معنى جزيرة بل سمك أو ثعبان الماء. . . حينئذ يمكن أن نقول بوجود علاقة بينهما.
وهذه الحالات المشكوك فيها ناتجة عن أن تلك اللغات لم تدون عند بعض الشعوب، ففي لغة أهل كاليفورنيا القدماء الذين يطلق عليهم اسم (يوكي) نجد كلمة بمعنى وبمعنى ولكن البحث اثبت أنه لا توجد علاقة البتة بين اللغة الإنجليزية ولغة كاليفورنيا، فلا يدل وجود التشابه بين بعض الكلمات قطعاً على وجود علاقة بين اللغتين، فكثيرا ما يصادف أن تشابه بعض الكلمات كلمات لغة أخرى في اللفظ والمعنى، وقد يرجع هذا إلى أن بعض اللغات تستعير كلمات لغة أخرى كما هي الحال في اللغة الإنجليزية إذ نجد بها بعض كلمات فرنسية ولاتينية.
إن عدد العائلات اللغوية - من الناحية النظرية - ليس أمراً مهماً فإن هذا العدد لا يمكن أن يحدد، وكلما تقدمت بنا المعرفة والعلم بدت لنا قوانين جديدة تعمل على توحيد تلك الكتل التي تبدو لنا الآن منفصلة. وفي كل من آسيا وأوربا اللتين تعتبران - من هذه الناحية - وحدة واحدة، لا يتعدى فيهما عدد العائلات اللغوية أربعا وعشرين، وأهم تلك اللغات باعتبار عدد الذين يتكلمونها هي (الإندو الأوربية) أو الإندو الألمانية أو الآرية وهذه تنتشر في جنب غربي آسيا، ومعظم - إن لم يكن - كل أوربا. وأعم فروع اللهجات الآرية هي لهندية والسلافية والألمانية واللاتينية. واللغات الأخرى هي: الإيرانية والأرمنية واليونانية والإغريقية، والألبانية، والبلطية والكلتية.