للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعيداً عن الصحة وذلك لأن ابن قتيبة يروى في كتابه غريب الحديث حديثاً للرسول نصه: (عليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة)؛ ونحن إزاء هذا نجد أنفسنا أمام احتمالين: إما أن يكون الحديث صحيحاً فيبطل الرأي القائل بأن العرب أخذوا كلمة الفسطاط عن الروم عند اتصالهم بهم في حروب الشام لان حروب الشام واتصال العرب بالروم كان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وبالتالي بعد ذكره لهذا الحديث؛ وأما أن يكون الحديث غير صحيح وبذلك يحتمل أن يكون رأي مؤرخي الفرنجة صحيح.

غير أنا نحب أن ندلي برأي يخالف هذين الرأيين وقد يكون أقرب منهما إلى الحقيقة: وذلك إن كلمة الفسطاط كلمة عربية معناها المدينة، فأننا إذا رجعنا إلى قاموس المحيط وجدنا أن (الفسطاط) بالضم (مجتمع أهل الكورة) ووجدنا أن الكورة هي (الصقع أو المدينة) وبذلك تكون الفسطاط هي مجتمع أهل المدينة.

ويقول ابن قتيبة تعقيبا على الحديث السالف الذكر (والفسطاط المدينة). وينقل عنه المقريزي أيضاً في الخطط ما يلي: (قال ابن قتيبة كل مدينة فسطاط)، ويقول المقريزي بعد هذا: (وأخبرني أبو حاتم الأصمعي أنه قال حدثني رجل من بني تميم، قال قرأت في كتاب رجل من قريش: هذا ما أشترى فلان بن فلان من عجلان مولى زياد اشترى من خمسمائة جريب حيال الفسطاط يريد البصرة) ويشبه هذا الرواية الأخيرة ويؤيدها قول ابن الفقيه: (وإنما سميت البصرة فسطاطا على التشبيه بفسطاط مصر)، وقريب من هذا المعنى قول المقدسي: الفسطاط هو مصر في كل قول)

فالراجح عقلا بعد ذكر هذه الآراء جميعاً أن كلمة (فسطاط) كلمة عربية خالصة معناها (المدينة).

وخلاصة القول الذي نريد أن نذهب إليه أن العرب اختاروا هذا المكان اختياراً للأسباب السابق ذكرها وأنهم سموه (الفسطاط) أي (المدينة) أو (مجتمع أهل المدينة) يقصدون بذلك المكان الذي يجتمعون حول جامعهم وحول منزل قائدهم.

جمال الدين الشيال

-

<<  <  ج:
ص:  >  >>