للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واستقبلنا عهداً من حياتنا جديداً، ولا بد من بيان عيب هذا النشيد لنستبدل به:

الأصل في النشيد الوطني أن يكون على لسان المتكلم، لأن الأمة هي التي تردده وتنطق به، وهذا النشيد موجه إلى حماة الديار، مطلعه:

حماة الديار ... عليكم السلام

أبت أن تذل ... النفوس الكرام

فمن الذي يقول هذا الكلام، ومن المخاطب به؟ إن كان ينطق به الشباب وهم حماة الديار، لم يعقل أن ينادوا أنفسهم، ويسلموا عليها، وليس هذا من (التجريد) الذي كان يألفه شعراء العرب؛ وإن كان يقوله غير الشعب لم يكن مقبولا. لأن النشيد يوضع ليقوله الشعب، ويترجم به عن آماله ومطامحه.

ثم إن هذا السلام المنكر، من منكر القول، وهو بلهجة أروام الإسكندرية وأرناؤوط الشام أشبه. وليس يليق بهذا المكان، ولا محل له في البلاغة، هذا إذا كان للسلام ورده داع ولا داعي له هنا أصلا.

ثم يقول بعد هذا:

عرين العروبة ... بيت حرام

وعرش الشموس ... حمى لا يضام

فلا يعرف السامع ما عرين العروبة هذا، أهو الجزيرة أم مصر أم الشام أم العراق؟ ولا يعرف المسلم (بيتاً حراماً) إنما يعرف البيت الحرام، لا ثاني له، فهذا التنكير أولا، وابتذال اسم البيت الحرام في كل مكان ثانياً، كلاهما قبيح. وما هو هذا العرش، والنشيد نشيد جمهورية؟ أفنظمه ليكون النشيد الرسمي لبني أمية وأي شموس هذه؟ وما هذا الإبهام حيث لا يحسن إلا التصريح والتوضيح؟ يأتي بعد ذلك هذا المقطع العجيب:

ربوع الشام ... بروج العلاء

تحاكي السماء ... بعالي السناء

وأرض زهت ... بالشموس الوضاء

سماء لعمرك ... أو كالسماء

أما (بروج العلاء) هذه فتصح في كل أرض يريد أن يبالغ في مدحها القائل، ولا تدل على

<<  <  ج:
ص:  >  >>