غير أن الطبيعة تقدم لنا أمثلة في الاستحالة غير هذه تدلنا على أن تحول الأجسام يمكن أن يحصل دون انهيار أو تدن في الثقل الذري. ولنا في الأجرام السماوية آية على هذه الاستحالة: فالسدم يتركب كما يظهر من فحص طيفها على الأخص من هيدروجين ومن هاليوم. وإذا تتبعنا تطورها نرى أنها تتحول تدريجياً لتؤلف كواكب فيها اكثر العناصر التي نعرفها في الكيمياء. فهاليوم السدم وهايدروجانها قد تحولا إلى عناصر جديدة اقل بساطة وارفع ثقلاً ذرياً. ودرس الكواكب ونشوئها ومعرفة ما تتركب في مختلف حالات تطورها هو الذي جعل لوكيار يقول بتحول المادة قبل ان تكشف خصائص الأجسام ذوات الأشعة الفعالة.
ولكن هذه الاستحالة كتلك كيميائيها هو الطبيعة، والقوى التي يستخدمها لا قدرة لنا على إيجاد مثلها. فالحرارة التي تسود في تلك الطبقات والضغط الهائل هما القوة المستعملة ليتألف من تلك العناصر البسيطة كل باقي العناصر.
الآن وقد ظهر لنا كيف كان من الممكن استحالة ذرة إلى ذرة وكيف أن الطبيعة تعطينا أمثلة من هذه الاستحالة أريد أن أقول كلمة في المحاولات التي أجريت لتحقيق فكرة استحالة العناصر عمليا.
إن ما يصح أن نعتقد به الآن كتجربة علمية لاشك فيها هو ما قام به العالم الإنكليزي ريتفورد لقد سلط ريتفورد مقذوفات جسم ذي إشعاع فعال، أجزاء الفا، على بضعة عناصر: الأزوت، البور، الفوسفور، الصوديوم، الألمنيوم والفليور. فتفككت هذه العناصر تحت تأثير هذه القذائف التي تسير بسرعة ٢٠ ألف كيلومتر في الثانية وأعطت هيدروجين. غير أن كمية الهيدروجين كانت متناهية القلة.
وما عدا هذه النتيجة فكل ما قام به المجربون، وهم كثيرون، لا يزال يشك في صحته، ولذا لا أرى لذكره فائدة.
نشط العلماء في جميع أنحاء العالم يواصلون جهودهم للتوصل إلى نتيجة نهائية. وليس من العسير علينا أن نفهم اندفاع هؤلاء العلماء في هذه المضمار، فالوصول إلى استحالة الأجسام بطريقة ما يتغير فكرتنا عن المادة وعن الحياة، نستطيع أن ننتقل من عنصر إلى