التعاون الاقتصادي الكامل بين جميع الأمم كبيرها وصغيرها ضروري للنهوض بأوضاع المعيشة في أرجاء العالم كافة ولتحقيق التحرر من الخوف والعوز والفاقة، وإننا نعزز حرية القول والرأي وحرية العبادة في كافة البلاد، وإننا مقتنعون بأن صيانة السلم بين الأمم تستلزم وجود هيئة للأمم المتحدة لها أن تستخدم القوة عند الاقتضاء لتستخلص السلم، ولا ريب أن أقوال الرئيس ترومان هي توجيه لتاريخ الإنسانية كما لا ريب عندنا أن الأحداث العالمية تدلنا على اتجاه الفكر الإنساني نحو توطيد العلاقات الطيبة نحو الوحدة العالمية، كما نعتقد أنه لا يعوق هذا التفكير والتوجيه غير ما تأصل في النفوس وتركز في العقول من النظم البالية المؤسسة على الأنانية والمزاحمة بين أمم العالم قبل أن تقوى الروابط بينها وقبل أن يتم تطور هذا الترابط الاقتصادي الحاضر.
لهذا نرى الإنسانية اليوم في مفترق الطريق بين النظم القديمة والتطور الحديث في حياة الأمم.
وكذلك نرى بعض العيوب في ميثاق الأمم المتحدة الذي تم وضعه في سان فرنسيسكو بتاريخ ٢٦ يونية سنة ١٩٤٥ ومحكمة العدل الدولية. غير أن هذه العيوب لا تحجب عنا إدراك الخطوات الواسعة في توجيه الدول المتعاقدة نحو الوحدة العالمية وضرورة تأمين الشعوب وسلامتها.
ويجمل بي قبل أن أترك هذا المنبر أن أشير إلى أنني لم أقصد بتوجيه الفكر نحو الوحدة الاقتصادية العالمية الرغبة في إيجاد إمبراطورية عالمية لأن تاريخ العالم يشهد بفشل كل محاولة نحو هذا الاتجاه فلم تنجح محاولة الإسكندر ولا الدولة الرومانية في إنشاء تلك الإمبراطورية العالمية فلكل شعب ثقافته ولغته وتاريخه، وإنما قصدنا بالترابط الاقتصادي أن نضع حدا بين السياسة والإقتصاد، فلكل شعب أي يختار شكل حكومته ولكنه يكون عضوا في النظام الدولي الذي يوضع على أساس أن العالم من تلك الناحية وحدة اقتصادية اجتماعية يجب أن توضع لها أداة تفض مشاكلها دون الالتجاء إلى القسر والقهر حتى يتم لسكان الأرض جميعاً السعادة والرفاهية في ظل التعاون بين الشعوب اقتصادياً ومالياً واجتماعياً. كما يجب أن نوجه جهودنا الفردية والجماعية ومشروعاتها نحو غاية واحدة هي الحياة القومية - فلا نقصر هذا المجهود على نيل الحرية الخارجية بل نرمي إلى تحرير