وينتجون نتائج متشابهة. فتاريخ الأدب يوم يكتب عن هذه الفترة لا يجد للشباب أسلوبا خاصا يسجله، ولا مذهبا جديدا يحلله، ولا أثرا مستقلاً يشرحه ويعلله. إنما هي مطامح الفتوة إلى المثل الذي توحيه الطبيعة، وتقتضيه الفطرة، ويلهمه الاطلاع، تحاول همتهم الوثابة أن تدنيهم منه فيقعد بهم عجز الوسيلة ونقص العدة.
وليس يسوغ في العقل أن يعد التسامح في اللغة والتساهل في الأسلوب والتجاوز عن القواعد ميزة، فان باس الشباب لم ينكسر أمام الشيوخ إلا في هذه الناحية.
والحق أن المسارعة إلي الإنتاج العام قبل استكمال وسائله الأولى غميزة بينة في أدب الجيل الحديث. فان الإلمام باللغات الأجنبية، والوقوف على قواعد الفن الاوربية، لا يجعلان المرء كاتبا في العربية ما لم يدرس هذه اللغة دراسة قوية نزدها طيعة لقلمه، لينة على لسانع، والاعتماد في اكتساب الأدب على محاكاة النماذج وتقليد المثل لا يقوم عليه فن ثابت، ولا ينهض به فنان معدود. وما كان المثل ليغني عن القاعدة وهو لا يضيء إلا ناحية من الطريق، والقريحة نفسها، وهي غريزة الأدب وافن في الإنسان، ليست من الكمال اليوم بحيث تجزى عن القواعد؛ كذلك الذوق وهن أداة الجمال كما أن العقل أداة الحق، لا يمكن أن يكون طريقا مأمونة إلى عمل أدبيحيح. فانه موهبة طبيعية تختلف في الناس وفي الأجناس. وتحتاج إلى المران بالدرس والعادة، وليس لها ما للعقل من سلطان وثبوت؛ وانك لتجد عقلا مطلقا مستقلا لا يختلف ولا يتغير، لان هناك حقيقة مستقلة تتميز بالوضوح والجلاء، ولكنك لا تجد مهما استقريت واستقصيت ذلك الذوق المطلق المستقل الذي لا يختلف باختلاف الألوان والأزمان والأمكنة. أما القواعد فهي نتيجة التجارب وخلاصة الملاحظات على طول القرون. وضعتها القرائح المنطقية المتعاقبة بعد أن فقهت أصول الأشياء، ودرست علائق هذه الاصول، واستخلصت نتائج هذه العلائق، ثماغت هذه النتائج قواعد وقالت لك إنها امثل الطرق لاحسان العمل دون أن تخضع عبقريتك إليها، ولا أن تسمح لهواك بالخروج عليها، فان بين الاستبداد والفوضى نظاما أحق أن نؤثر ويتبع.
وبعد، فان الفنان والناقد إنما يتعاونان على فهم الجمال، كما يتعاون القاضي والمحامي على فهم العدل، فليس من الخير لأحدهما أن يكون مع الآخر على حد منكب؛ وان الأدب الشيخ