واضحاً في بعض أنواع الحيوان أنها تتوق للبحث عن حيوان آخر من فصائلها - وهذا الذي تفعله في حنين يحاكي إلى درجة ما الحب الإنساني - فكيف يكون مقدار ذلك من حب الإنسان الذي يحب نفسه ويستعمل أسبابه في البحث عن شخص آخر تتمازج روحه بروحه لتكون روحاً من روحين)
تلك هي فلسفة الصداقة عند شيشرون العظيم، ويالها من فلسفة قمينة بالاعتبار في هذا الزمان الذي هوت فيه الماديات بالمثل العليا حتى ما كادت تبقى على شئ.
في متحف اللوفر (لوحة الصداقة) وهي إحدى روائع الفن القديم، ترى فيها (روُث) تعتنق حماتها (ناعومي) وتأبى فراقها إذ قضت بذلك الأقدار، ثم تناجيها بصوت حنان خفيت، حلو النبرات رقيق:(تالله لا أفارقنك ولا أعودنٌ بعدك، فحيثما تذهبي أذهب، وحيثما تسكني أسكن، فأهلك سيكونون أهلي وإلهك سوف يكون إلهي. . .)
وتلك صورة مؤثرة تثير الشئون، وهي خير تعقيب على مذاهب الصداقة عند شيشرون العظيم.