فزعموا أن روايته غير صحيحة. وأنا أحب أن أنبه إلى أن هذه حال المتعاصرين من العلماء في كل الأزمان والأقطار. والشواهد على هذا كثيرة في أيامنا هذه. فقد ينفس الناس على أديب عبقريته، فيرمونه بالكفر والمروق، وقد ينفسون على كاتب إنتاجه الكثير، فيزعمون أنه إنما ينقل عن الغربيين. هذا وذاك نسمعه في عصرنا هذا، وهو عصر مثل باقي العصور، حاله حالها وناسه ناسها. واستمعْ إلى السيوطي وهو يقول (ج ٢ص٢٠٤): (وكان أبو زيد وأبو عبيدة يخالفانه ويناوئانه (الكلام عن الأصمعي) كما يناوئهما، فكلهم كان يطعن على صاحبه بأنه قليل الرواية ولا يذكره بالتزيّد). فهذه حال أبي زيد وأبي عبيدة والأصمعي، وهي حال ككل الأحوال، لها نظائر في كل العصور.
٧ - خاتمة
هذه هو حماد كما طالعنا به البحث الطويل، وهذا هو رأيي فيه وفي روايته. وهو دون ريب من اعظم رجال الرواية العربية، ولا سيما رواية الشعر. ولئن كان قد طال الطعن عليه وعلى روايته، فقد آن لنا أن نحييه ونحيّي روايته.
ولكني لا أترك القلم قبل أن أهدي هذا البحث إلى أستاذي الجليل الدكتور طه حسين بك، وقبل أن أسأله رأيه في مقدماته ونتائجه. وأنا أرجو أن يكون رأيه فيّ حسناً؟ إني إذاً لسعيدُ.