بجيش من البيد لم يدَّرع=بغير اليقين ولا رَاعَهُ
نُضَارٌ يَرَاهُ وإستِبْرقُ
قليل العديد ضئيل الخطر ... وما في الصحاري له من وزر
عجاف من الجوع خيل لهم ... مئات ثلاثون قد هدَّهم
على قلة الزاد طول السفر
قليل ولكنهم في اللقا ... كثير إذا اضطرم الملتقى
شداد وإن لم يجروا الحديد ... خفاف إلى الموت إن أقبلوا
ثقال إذا دخلوا مأزقا
تأمَّر زيد وأعلى اللَّواَء ... أميرْ من السيف أقوى مضاء
له البدء حتى إذا ما هوى ... فجعفر للجيش بعدُ الأمير
يعيد اللقاء ويحيى الرجاء
مشى بهم الفارس الأروع ... له الجيش من كَفِّهِ أطوع
هم المؤمنون الذين اشتروا ... بأرواحهم جنة مالهم
وراء الخلود بها مطمع
تداعى الرجال فسوَّى الصفوفا ... وشدَّ بهم ليخوضوا الحتوفا
فكاثره الروم إذا غاظهم ... من القلة البارزين لهم
حفاظ به يدفعون الألوفا
وراحت بهم ترجف الراجفة ... رُعُودُ المنَايا بها قاصفة
وخَفُّوا يبيعون أرواحهم ... فكم زلزلوا من صفوف العدو
وكم حَسروا لُجَّة جارفهْ
وسارَ ابنُ حارثةٍ مُعْجَلاَ ... فكان الشَّهيدَ بها الأوَّلا
ألحتْ عليهِ غلاظ السُّيوفِ ... وكم وثْبَةٍ هدَّها سيْفُهُ
وحيداً، وكمْ فَارسٍ جنْدَلا
وأقدمَ من بعده جعفرُ ... غَضُوباً كما وثبَ القَسْوَرُ
تلاطمَ موْجُ الرَّدى حوْلهُ ... وُجنَّ جنونُ الوغَى إذ جرَى