تصبح في حكم الآحاد الذي لا يعطي إلا الظن، والظن سواء أكان في اللفظ أم في المعنى لا يغني من الحق شيئاً.
ومن هنا كان استشهادنا بكلمة الشاطئ وقولنا: إنه لا يكاد يوجد حديث قد جاء على حقيقة لفظه ومحكم تركيبه، وقد سبقنا إلى هذا القول ابن الصلاح فقال في المتواتر:(إنه لا يكاد يوجد في رواياتهم ومن سئل عن إبراز مثال لذلك فيما يروي من أهل الحديث أعياه تطلبه).
على أنا نزيد الأمر توكيداً فنسوق بعض ما قاله أئمة النحو في سبب عدم إثبات القواعد النحوية بألفاظ الحديث، لأنها لم تتواتر عن النبي.
قال السيوطي في الاقتراح: وأما كلامه صلى الله عليه وسلم، فيستدل منه بما يثبت أنه قاله على اللفظ المروي، وذلك نادر جداً، وإنما يوجد في الأحاديث القصار على قلقة أيضاً، فإن غالب الأحاديث مروي بالمعنى، وقد تداولتها الأعاجم والمولدون فرووها بما أدت إليه عباراتهم، فزادوا ونقصوا وقدموا وأخروا وأبدلوا ألفاظاً بألفاظ. . . ومن ثم أنكروا علي ابن مالك إثباته القواعد النحوية بألفاظ الواردة في الحديث.
وقال أبو حيان في شرح التسهيل: قد أكثر هذا المصنف من الاستدلال بما وقع في الأحاديث على إثبات القواعد الكلية في لسان العرب، وما رأيت أحداً من المتقدمين والمتأخرين سلك هذه الطريقة غيره. على أن الواضعين الأولين لعلم النحو المستقرئين للأحكام من لسان العرب: كأبي عمرو بن العلاء، وعيسى بن عمر والخليل، وسيبوبه منأئمة البصريين، والكسائي والفراء وعلي بن مبارك الأحمر، وهشاماً الضرير من أئمة الكوفيين، لم يفعلوا ذلك، وتبعهم على هذا المسلك المتأخرين من الفريقين وغيرهم من نحاة الأقاليم كنحاة بغداد وأهل الأندلس. . .) وقد قالوا:(إنما ترك العلماء ذلك لعدم وثوقهم بأن ذلك لفظ الرسول إذ لو وثقوا بذلك لجري مجرى القرآن في إثبات القواعد الكلية، وإنما كان ذلك لأمرين:
أحدهما: أن الرواة جوزوا النقل بالمعنى، فتجد قصة واحدة قد جرت في زمانه صلى الله عليه وسلم، ولم تنقل بتلك الألفاظ جميعها نحو ما روى في قوله: (زوجتكها بما معك من القرآن، ملكتكها بما معك، خذها بما معك)، وغير ذلك من الألفاظالواردة في هذه القصة،