للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وفوق عينيه للتوحيد بارقة ... شعَّتْ ضياءً بما تطوي دخائله:

شهادتانِ هما للرُّوح مرفأه ... فيها منارُ الهدى، فيها مشاعله!

البيرقُ الأخضر الرفراف ضمهما ... هدْياً، نوراً، لمن زاغت دلائله!

(الله أكبر) في الشَّطين هاتفة ... كطير مكة إذ هاجتْ زِوِاجلهُ

رأيته وضفاف النيل تحمله ... والنيل يهتز للأبطال ساحله

في موكب تُفرح الإسلام عزَّته ... وتلفتُ الشرق للماضي مخايله!

وتدهش الدهر إرهاباً بضجَّتها ... ما خلَّفته على الوادي جلاجلهُ

ملكان في مفرق الدنيا ضياؤهما ... عالي الركاب، رحيب الخطو، جائله

قاما على عزةٍ للشرقِ شامخةٍ ... وموردٍ للعُلا فاضت مناهله

كان شعاعين للأيام في زمن ... كانت تَغطُّ على ليلٍ مجاهله

هذا على جبهة الصحراء صولجه ... يفني الجبال إذا هبَّت تصاوله

عالٍ مع الشمس، طواف بسيرتها ... على الوجود نَداه أو جحافله!

وذاك تسحرُ كبرُ الخلد هيبته ... بما بني لِبَنى الدنيا أوائله

على مَحارب من نهر ومن شجرٍ ... أسحاره قانتاتٌ أو أصائله

كم كَبرت لأذان الفجر نخلته! ... وسبَّحت بهوى الباري سنابله!

يا سائران على نور، وخلفهما ... قلب من الشرق تضنيه مشاغله

مُراً عليه بسحر في أكُفِّكُما ... داني التَّداوي، قريب البُرء، عاجلهُ

براحةٍ في حواشيها وصفحتها ... طبُّ الشعوب حَفي النور مائله

مازال (رضْوَى) يناجيها ويذكرُها ... عهداً إلى أبد الدنيا

روته للشرق كثبان مهللة ... وسطرته مواثيقاً جنادله

عهداً من الحب هز الطود فارتجزت ... به الخيام، وغنته قبائله!

ليث البوادي وحاميها وسيدها ... تاريخ سيفك إنشاد تواصله

ضممتها وعصبت البأس في يدها ... وكنت غيثاً تغاديها سوابله

تعلقت بك حين الركب قال: هلا ... وأوشكت بخطى النجوى تناقله

وحين يممت كاد البحر لجته ... تغدو بساط فلاً، غنت قوافله!

<<  <  ج:
ص:  >  >>