للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والكثرة في الدعوة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - قال الله تعالى: (ولتكن منكم أمةُ يدعونَ إلى الخيرٍ، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وأولئك هم المفلحون).

ولأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - من أعظم الواجبات وأبعدها أثراً في إصلاح المجتمع - مدح الله به المؤمنات كما مدح به المؤمنين، وجعله من صفات الرجال والنساء معاً، وقرنه بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وبطاعة الله ورسوله، فقال: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض، يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة، ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله).

وجعل الله - جلت حكمته - قيام الأمة بهذا الواجب دليلاً على تمكن الخير من نفسها، ورسوخ خلق الإصلاح فيها فقال: (كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)، بل أنبأنا - جل شأنه - أن من أسباب استحقاق بعض الأمم اللعنة أنهم كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه: (لعن الله الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، لبئس ما كانوا يفعلون).

وقال صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان). وسئل عليه صلوات الله وسلامه عن خير الناس، فقال: آمرهم بالمعروف، وأنهاهم عن المنكر، وأتقاهم لله، وأوصلهم للرحم)، بل روى عنه أنه جعل الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر خليفة الله ورسوله في الأرض، فقال: (من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر فهو خليفة الله في أرضه، وخليفة رسوله، وخليفة كتابه).

وقد ورد في الحديث ما يدل على أن سنة الله في الأمة التي فرطت في هذا الواجب - أن يسومها سوء العذاب، وألا يتقبل دعاء خيارها إذا سكتوا عن منكراتها، فقد روى عنه - صلوات الله وسلامه عليه: (لتأمرون بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليسلطن الله عليكم شراركم، ثم يدعوا خياركم فلا يستجاب لهم). وقال عليّ رضي الله عنه: (أفضل الجهاد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن شنئ الفاسقين وغضب الله - غضب الله له).

ولتقصيرنا في أداء هذا الواجب - ظهر فينا الفساد الذي جنى على كثير من آدابنا الاجتماعية، وعاداتنا المرضية، وأخلاقنا الإسلامية، فمتى نثوب إلى رشدنا، وننفذ أحكام

<<  <  ج:
ص:  >  >>