منحناهم من قوتنا ونفوسنا ... فهم أمة جازت ونحن جسورها
ولم تنس مصر دورها إذ تقوضت ... وغيل بها ولدانُ مصرَ وحورها
تعاورها (الأعداء) بضعة أشهرٍ ... ولم تك إلا الدهر طولا شهورها
طوائرُ تجتاز السماء مغيرةً ... ألا شد ما راع النفوس مغيرها
إذا زأرت هبَّ الرقود كأنما ... دعاهم إلى يوم القيامة صورها
أصابت رجالاً آمنين وروّعت ... صغاراً وشيخاناً يجل وقورها
إذا قوضت من لندن بعض دورها ... على الرغم مما زاد عنها نسورها
ففي مصر أمثال لذاك عديدة ... إذا أُنصفت لا يُستقل كثيرها
ولما سطا (روميلُ) سطوة ظافر ... وبان من المهواة حيناً شفيرها
وقفنا لهم دون الحوادث وقفة ... تغنت بها أقلامهم وصريرها
وكنا لهم أعوان صدق تحاشدوا ... على المحنة الكبرى فهان خطيرها
صبرنا لها حتى تبلج فجرها ... وأذَّن بالنصر المبين بشيرها
فيا حلفاء النيل أين مواثق ... منمقة ألفاظها وسطورها؟
صدحتهم بها فوق المنابر عذبة ... كما صدحت فوق الغصون طيورها
فكانت حداءً ساقنا عذبُ لحنه ... كقافلة تُحدى فتدأب عيرها
فهل حان تحقيق الذي قد قطعتمُ ... وآن لمصر أن يبين مصيرها؟
ولسنا وإن كنا السِّماحَ ضيافة ... سوى أُسدِ غيلٍ لا تُرام ظهورها
أنلقحها حرباً عواناً إذا انجلت ... عدانا ولم يعد الأباعد خيرها
وكيف يذيق النيل أولها لظى ... أليماً ويغتال الرجاَء أخيرها؟
على أننا نرجو اعتدال أمورنا ... وحق لمصر أن تصح أمورنا
بني مصر إن الأرض خيس ضياغم ... فهل أنتم مثل الضعاف جزورها
حييتم حياة المسنتين لتنصروا ... قضية قوم لا يُضام نصيرها
فها هي ذي أمنية النصر حققت ... وجلجل في سمع الوجود نضيرها
ولا أرىَ إلا أن تهبوا جماعةً ... فما صلحت دار تشظى عشيرها
لنا وطن حر نريد حياته ... كما حي عملاق الدنا وصغيرها