للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تقصد من حشدها أن تدافع عن سوريا ولبنان، لأن القوات المحتلة للبلدين تكفي لحفظ الأمن وتوطيد سلطتها، ولرد كل عدوان يقع عليها، وإنما القصد من تجمع هذه الوحدات أن تكون تحت التصرف مجلس الحلفاء الأعلى، لترسل إلى الجهة التي يبدو الخطر فيها، فهو كقائد لهذه المنطقة على رأس مجموعة جيوش فرنسية بينها قوات مؤلفة من البولونيين وتشيكوسولوفاكيين وغيرهم ممن لم تمكنهم الظروف أو لم تسمح لهم وسائل النقل من الالتحاق بوحداتهم الأصلية في بلدانهم. وقال إن هذه القوة منظمة تنظيماً تاماً، وعددها يزيد كثيراً عما يعتقده الكثيرون، بل هي دائمة الزيادة بفضل البواخر التي تنقل من فرنسا ومن مستعمراتها الرجال والعتاد.

وهنا اتجه الجنرال لجهة الخريطة الأوربية وقال: إن حملة سلانيك في الحرب الماضية قد قصرت أجل الحرب وساهمت في النصر النهائي بتعجيل انهيار النمسا والمجر وبلغاريا، وأعتقد أن مجموعة الجيوش التي تحت قيادتي قد تفتح جبهة ثانية في الميدان؛ وأشار إلى سهول المجر المتسمة قائلاً: إذا لم تدخل إيطاليا الحرب ولم يحدث شيء على الميدان الغربي، فإن الحلفاء قد يضربون الألمان بفتح ثغرة من هذا المكان ضد ألمانيا، وقد تكون ضربة حاسمة، وذلك باعتمادهم على جيش الشرق حينما يتم تجمع وحشد قواته ومعداته. وتفهم طبعاً من حديثه هذا أنه قصد تطمين الحكومة المصرية وتمهيد زيارته القادمة لمصر.

وكنت أتلهف لمعرفة رأيه عن المدة التي قضاها في سورية ولبنان، ولذلك أردت أن أنقل الحديث إلى ناحية تشير إلى الماضي، فذكرت له المدة التي أقامها بهذه البلاد وأنها برغم قصرها لا يزال يذكرها الكثيرون - ففهم مرادي من هذه الناحية وقال: إن أصدقاءه يأتون إليه من كل جانب، وأنه يحب هذه البلاد وأهلها، وإن صلات فرنسا بها صلات قديمة راسخة.

والجنرال أقرب إلى القصر منه إلى الرجل المتوسط الطول، يبدو لك في الخمسين من عمره، وإن كان قد ترك الستين وأخذ يقترب من السبعين، وهو دائم النشاط والحركة، يظهر لي من حركاته أنه شديد الوطأة على معاونيه، إذ يطلب درجة فوق المستوى اللاتيني من الضبط والربط، وهذه الدرجة غير متوفرة في ذلك الوقت، لأن جيوشه تنقصها

<<  <  ج:
ص:  >  >>