هذا التأثير أشعة منبعثة من الأرض وليست من السماء، فعلى ذلك مقدار التأين يجب أن يقل بدلا من أن يزداد مع الارتفاع. بعد ذلك بقليل قام المانيان وطارا إلى علو ٩ كيلو مترات فوجدا أيضا ذات النتيجة.
لم يكن العالم الأميركي أثناء ذلك ساكتاً عن هذه (التجارب ونتيجتها الواحدة، بل أثرت عليه كل التأثير، وحفزته للعمل بأن يقوم بهذه المهمه في اكتشاف أصل هذا التأثير ومصدر تلك الأشعة التي لم تكن في الحسبان ولم تخطر على بال. فقام في سنة ١٩٢٦ مع مساعدة وصعد منطادينغيرين في الفضاء إلى علو ١٥ كيلو متراً. وكان المنطادان مرتبطين الواحد بالآخر، وحجم أحدهما مصنوعا بالقدر الذي ينفجر فيه عند العلو الطلوب، والآخر كان ليقل الأدوات الأتوماتيكية لقياس وتقييد ألتأثيرات الجوية ولارجاعها بعد بلوغ علوها إلى الأرض سالمة. فكان من هذه الآلات الالكتروسكوب لقياس الكهربائية والترمومتر للحرارة والبارومتر لمقدار ضغط الهواء، والاواح الفتوغرافية المختلفة لتنطبع عليهاور التأثيرات المختلفة، ثم الالة التي تسير كل هذه الأجهزة حركة أوتوماتيكية مطردة. ومع كل ذلك فأن وزن المنطادين مع مافيهما من غاز وآلات متعددة لم يزد على ١٩٠ جراماً أو ما يعادل ٥٠درهماً تقريبأ. وذلك مما يدل على دقة الصنع والتركيب ويبين مقدار أهتمام ملكان بالتجربة وتفرغه لها. والنتائج التي ظهرت من هذه التجربةأتت مطابقة للتجارب الأولى. فلم يعد بعد شك في وجود أشعة خفية دقيقة ذات تأثيرعظيم.
على أن ذلك لم يقنع ملكانقط، ولم يقلل من شوقه لمعرفة تلك الأشععة وما أليها. ففي ذات السنة التي أجري فيها تجربت المنطادين، عد بالأكتروسكوب الى قمم جبال مختلفة العلو في أميركا، ليرى تماما مقدار اختلاف التأين باختلاف معين في الارتفاع. وقد تحقق من ذلك شيئان: الأول أن قوة (الأشعة تزداد مع الارتفاع، وذلك يؤكد بأن مصدرها ليس هو الأرض بل السماء. والثاني أن هذه الأشعة ليست متجانسة، بل من ثلاثة أنواع، تختلف عن بعضها بقوة نفوذها فى الهواء، فمنها لقوتها من قدرت أن تخترق الهواء كله وتصل سطح الأرض، ومنها من استطاعت فقط أن تنفذ في بعضالطبقات العليا غير المتكاثفة، والأخيرة لضعفها لم تقدر على التعمق كالأوليين فظل تأثيرها محصواً في الطبقات الرقيقة من الهواء. تجارب في الفضاء وفوق سطح الأرض أكدت أن الأشعة آتية من فوق، ولكن