للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بخير كله ولا الثاني بشر كله. فقد ذكرت بعد الذي ذكرته أن الخبز الأبيض مصنوع من دقيق القمح الصافي بعد أن خلص بالغربلة من الردادة والنخالة التي هي عبارة عن القشور اللابسة للحبوب، وكذلك من حبيبات الأجنة التي بأطرف حبات القمح، فقلت بذلك قيمته الغذائية لحد كبير، إذ تذهب مع النخالة مواد غذائية عظيمة الفائدة يحتاج إليها الجسم في غذائه ونموه، أودعتها الطبيعة الحبوب المختلفة ولكن الإنسان يفصلها جهلا ويرمي بها إلى الحيوان والطير لتعلفها فتصح هذه ويعتل هو. أما هذه المواد فهي بعض العناصر المعدنية والحوامض العضوية والفيتامينات والألياف. وهذه كلها كان يحتويها الرغيف اللعين الذي لولا قذارة ولوثة به لكان صالحاً للجسم أي صلاح. وكلما بولغ في تبيض الدقيق ازداد فقراً في العناصر الغذائية.

وهاك بعض الفقد الذي يحصل من تصفية الدقيق الأبيض الناصع:

١٠٠ % من الألياف وفيتامين د والكاروتين ومعدن المنجنيز.

٨٥ % من الثيامين وحامض النيكوتين (كلاهما فيتامين) والحديد.

٧٥ % من الفوسفور والبوتاسيوم والنحاس والريبوفلافين (والأخير فيتامين).

٥٠ % من الكالسيوم وبعض فيتامينات أخرى.

١٣ % من الزلال وحوامض زلالية هامة.

وعلى ذلك لا ينبغي أن نفرح الفرح كله بأكل الرغيف الأبيض، بل يجب أن نصنع الرغيف الصحي ونأكله، ولا يخرج هذا الرغيف عن حبة القمح بكل مشتملاتها الطبيعة.

ولما شعر العلماء بسوء التغذية تتفشى بين عامة الشعب في أمريكا فكروا في معالجة هذه المسألة بإضافة بعض الفيتامينات أو بعض المواد الغذائية الأخرى كالزبيب ولكن هذا لم يأت بالفائدة المطلوبة، ففكروا أخيراً في عمل رغيف قومي يأكله جميع أفراد الشعب مصنوع من الدقيق الأبيض مضافا إليه قليل من اللبن الفرز وبعض الفيتامينات الضرورية كالتي فصلت من الدقيق، ولازالت هذه أمنية تجول في أذهان علماء التغذية هناك ولما تخرج إلى حيز التنفيذ بعد.

أما الإنجليز فقد وفقوا إلى اتخاذ رغيف قومي بمعنى الكلمة بل قل إنهم اضطروا إلى اتخاذه اضطراراً، وذلك عندما نشبت الحرب وقل الوارد وأصبح الاقتصاد في الغذاء أمراً

<<  <  ج:
ص:  >  >>