للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الدين؟ وكيف الظاهر والعادل؟ وكيف أبطال الجلاد في عصرنا الذين نازلوا الباطل المدجج عزلا فزلزلوه حتى هدموه؟

وليت شعري هل انبعث الأذان من قبر بلال في مقبرة الباب الصغير أذانا بالفجر من هذا العهد المبارك؟

وحلب الشهباء، مدينة سيف الدولة والمتنبي، حلب التي أمدت الثغور بأبنائها قروناً، ودفعت الروم عن الشام عصوراً، كيف جذلها اليوم، وأين متنبيها ينشد قصائد المجد ليرويها الدهر؟

وكيف قلعة حلب اليوم وقد لفظت المذلة، واعتزت بما فيها من آثار المجاهدين الأولين. لقد دخلتها أول مرة قبل خمسة عشر عاماً ورأيت جنود السنغال فيها يخطرون، وينهون ويأمرون فأنشدت وفي النفس ما فيها من حسرات:

سادت كل أناس من نفوسهمّ ... وسادت المسلمين الأعبد القزّم

فقد رفع اليوم عليها لواء الحرية، ورحض عنها عار العبودية، فحالت بناء جديداً، ومرأى حميداً، وكأن كل شيء فيها قد استحال! ليت شعري هل نطقت فيها الآثار الصامتة، وضحك على بابها الأسد الباكي.

وليتني اليوم في حمص أقف في روضتها كما وقفت من قبل، أستمد من ضريح خالد بن الوليد كل معنى جليل! ليتني اليوم على قبر خالد أبشره أن الزمان قد استدار، واستقلت الشام بأبنائها الأحرار، فليصفق نهر العاصي طرباً، وليزهر الديماس فرحاً فقد أقبل الربيع بربيع الحرية الناظر، وعهدها الزاهر.

يا دار هذا أوان السعد فاغتبطي ... لا عادك النحس بعد السعد يا دار

وحماة المجاهدة، هل تبدّل أنين نعيرها غناء، واستحالت دموعها في البساتين ماء؟ ما أجمل غناء النواعير في حماة اليوم! قد مضى عهد البكاء، فليدم اللهم هذا الغناء.

وكيف أبو الفداء في قبره اليوم؟ يا أبى الفداء لقد طال الهجود، فقم وأضف إلى تاريخك هذا الفصل الجديد.

يا سوريتنا الجميلة الحبيبة! حيا الله فيك كل مدينة وقرية، ونظر كل دارة وبقعة، وحباك السعد مطّرداً مع الزمان، دائراً مع السنين.

ورحم الله كل مجاهد أمدك بحياته، وسقى ترابك بدمه، وثوى في الأرض كلمة باقية في

<<  <  ج:
ص:  >  >>