تحمل الجبال، فلا تضيعوا هذه العزائم، لا تذهبوا هذه الهمم، ولا تناموا عن حماية استقلالكم فمن نام عن غنمه أكلتها الذئاب.
إن هذا الجلاء نعمة من نعم الله، فتلقوها بالشكر والطاعة، واحفظوها بالجد والأخلاق، فبالشكر تدوم النعم، وبالإخلاص تبقى الأمم، وبالمعاصي تبيد وتهلك، إن أجدادنا كانوا يحتفلون بالنصر بحمد الله وطاعته فيقودهم الاحتفال إلى نصر جديد، وكذلك تفعل الأمم الحية اليوم. أما سمعتم بحفلات تتويج ملك الإنكليز، لقد كان نصفها في الكنيسة، فلماذا لا يكون احتفالنا بالجلاء إلا اختلاطا وتكشفا وغناء ورقصاً واستهتاراً، كأننا لم ينزل علينا كتاب، ولم يبعث فينا نبي، ولم يكمل لنا دين؟
إني أخاف والله أن يكون الأجنبي قد أجلى جيوشه عنا، وترك فينا قنابل تنفجر كل يوم، فتدمر علينا أخلاقنا، وأوطاننا، واستقلالنا. إن كل عورة مكشوفة، وفسوق ظاهر، قنبلة أشد فتكاً من قنابل البارود، ولا يخفي ضررها إلا على أحمق!
يا أيها الناس!
لقد جلت جيوش العدو عن أرضكم، فأجلوا عن بيوتكم عاداتهم، وعن رؤوسكم شبهاتهم، وعن مدارسكم مناهجهم، وعن شوارعكم حاناتهم ومراقصهم، وعن محاكمكم قوانينهم، وعن أجسام بناتكم وأولادكم ثيابهم الكاشفة الفاضحة وأزياءهم.
وذلك هو الجلاء الحق، وذلك هو العيد الأكبر.
هذا ما قاله لصديقي، الزعيم إبراهيم بك هنانو عضو مجلس النواب السوري، أنقله بنصه، والعهدة على هذا الصديق.