للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ومن هنا نعرف لماذا استهجن الناس كثيراً مما نشر من دعابات جحا وإجاباته بعد أن رويت منفصلة عن بواعثها ودواعيها.

ولا عجب في ذلكم فإن المصور - كما أسلفت القول - إذا حاول أن يرسم عملاقا ضخما لم يرسم رجلا يملأ فراغ الصفحة كلها. لأنه لن يشعرك بهذا أنه يصور عملاقا. على حين يستطيع في نصف الصفحة أو ربعها - كما تعلمون - أن يدخل في روعك هذا الشعور إذا رسم بالقياس إليه شيئاً آخر تعرفه ليتبين لك نسبة ضخامته.

والشيء لا يعرف مقداره ... إلا إذا قيس إلى ضده

١٤ - تاجر الأيام

ونحن إذا سمعنا أن جحا يسأله سائل:

(في أي يوم نحن من أيام الشهور؟).

فيجيبه: (لست أتجر في الأيام والشهور). خيل إلينا أنها نكتة بائخة. ولكننا متى عرفنا أن السائل ثقيل الظل، وأن جحا لا يريد أن يجيبه بل يتوخى تصغيره، ويتعمد تحقيره، أدركنا أنه إنما يقصد إلى هذا الجواب قصداً، ليشعره بثقله وسماجته، ويتخلص في الوقت نفسه من إجابته.

وليس أفتك بالثقلاء من أمثال هذا الرد.

١٥ - القمر والنجوم

وقريب منه قوله لثقيل آخر، حين سأله:

(أين يذهب القمر القديم، بعد أن يحل مكانه القمر الجديد؟).

فقد أجابه على هذا السؤال البائخ مستهزئاً:

(ألا تعرف ما يصنع به؟ إنه يقطع - بعد ذلك - نجوما تنثر في السماء).

١٦ - الأقمار والبروق

ويعترضه في طريقه مخبول أحمق بادي الغفلة وهو يسير على هضبة مشرفة على بعض الوديان فيقول له المخبول:

(أنظر أمامك في هذا الوادي، وخبرني ماذا ترى؟).

<<  <  ج:
ص:  >  >>