ولقد أجمع الناس - أو كادوا - على فضل التغابي في كل عصر كما تعلمون، وأفاض المبدعون وافتنوا في تصويره ما شاء لهم خيالهم وافتنانهم.
فقال (زهير بن أبي سلمى) في معلقته الرائعة:
(ومن لم يصانع في أمور كثيرة ... يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم)
ثم تلاه معاوية فقال: (السرو التغافل).
ثم جاء عمر بن أبي ربيعة. فقال:
(تبا لهن بالعرفان لما رأينني ... وقلن: امرؤ باغ أضل وأوضعا)
ثم تلاه المتنبي فقال:
(ليس الغبي بسيد في قومه ... لكن سيد قومه المتغابي)
وأعقبه شيخ المعرة فقال:
(. . . . . . . ... وتبا له، فإن دهرك أبله)
(قوم سوء، فالشبل منهم يغول ... الليث فرسا والليث يأكل شبله)
بعد أن قال:
(ولما تعامى الدهر وهو أبو الورى ... عن الرشد في إنحائه ومقاصده)
تعاميت حتى قيل: إني أخو عمي ... ولا غرو أن يحذو الفتى حذو والده)
ومن أبرع ما عرفته في هذا الباب الذي استفاض فيه فحول الشعراء والكتاب ذلكم المثل التركي الذي يقول:
(عظموا أقداركم بالتغافل).
ويقابله قول ابن زيدون:
(إن السيادة - بالإغضاء - لا بسة ... بهاءها، وجمال الحسن في الخفر)
وقريب منه قول بعض الأفذاذ من القدامى المبدعين:
(أقبل معاذير من يأتيك معتذراً ... إن بر عندك فيما قال أو فجرا
فقد أجلك من أرضاك ظاهره ... وقد أطاعك من يعصيك مستترا)
كامل كيلاني