أن يتخذوا لهم ديناً على غرار ما كان يتخذ بعض العرب معبوديهم في أزمنة الجاهلية؟
يريدون أن يستخدموا لهم ديناً من الحلوى، إن طاب لهم أكلوه وإذا لم يوافق شهواتهم تركوه!
يريدونه ديناً يحطب في حبال رغباتهم؛ ويضرى ما شره من شهواتهم؛ ويطعمهم الخبيث من لذاتهم، فهم في غيهم يعمهون، وما الله بغافل عما يعملون.
ثم أعود إلى ما كنت فيه من الحديث عن الأزهر الذي قد وضع في مفترق الطرق. فإذا كانت مهمته وغايته هي - كما قال الأستاذ الزيات بحق - أن يفقه الناس في الدين وفيما تفرع من أصوله من شتى العلوم، وأن يعلم اللغة وما أتصل بآدابها من مختلف الفنون - فالأمر بين؛ والطريق غير مشتبه؟ فلتترك له الأنظمة وأقسامه الابتدائية والثانوية تعد الطلاب لدراساته العالية في الكليات الأزهرية مع تعديل قليل في وضع المواد التي تدرس في هذه الكليات وليحمل الطلاب على احترام النظام ودراسة المقررات. وبقاء الأقسام الابتدائية والثانوية على نظامها الحالي الذي يعد الطلاب للدراسة في الكليات الأزهرية هو الوسيلة الوحيدة التي تمكن الأزهر من أداء مهمته وتحقيق غايته، كما أن نظام الدراسة في المدارس الابتدائية والثانوية يعد طلاب هذه المدارس للدراسة في كليات الطب والهندسة والعلوم والزراعة وغيرها كما هو واضح من نظم الدراسة ومناهجها في هذه المدارس. محاولة جعل النظام الدراسي في معاهد الأزهر الابتدائية والثانوية في غرار نظام المدارس الابتدائية والثانوية التي لوزارة المعارف يجعل من الخرافة التاريخية التي تروى للأطفال في قصة الغراب والقطا قصة واقعية نرجو أن لا تمثل في الأزهر.
إن الأزهر لا تزال فيه بقية من الذماء، وصبابة في الإناء، هي هذه البقية الصالحة من الغراس النافع الذي امتدت بالإحسان به إلى الدين وإلى الوطن الإسلامي العام يد الملك العظيم المغفور له الملك فؤاد، طيب الله ثراه، وخلد بأعماله الصالحة الباقية ذكراه، وجعل الجنة مأواه.
فهذا الغرس الصالح الذي غرسته يد فؤاد المباركة، وهذه الصبابة النافعة الباقية من بركات يده وسيبه الجزل جديران بأن ينالا حظهما من عطف شبله العظيم، ورعاية نجله الملك الهمام جلالة الملك فاروق، أيد الله عرشه وأدام ملكه محروساً بعناية الله، ليؤتى هذا الغراس