ضاَعَتْ أَمَاني وَلَمْ يَبْقَى لي ... في عُمُري مِنْ أَمَلٍ يُرْتَجَى
وَلَمْ يَعُدْ لي مَطْمَحٌ مُشْرِقٌ ... إِلا انتحَاهُ الَمْوتُ نَضْرَالصِّبَا
أَمْسِ صِبَايَ الغَضُّ وَدَّعْتُهُ ... وَغَابَ عَنِّي في سَحِيقِ الْهُوَى
وَذَا شَبَابي الْيَوْمَ مُسْتَرجَعٌ ... يَمْشي إِليَ الَمْوتِ حَثِيثَ الخُطَى
وَقَلْبي الموْجُوعُ مَا يَأْتَلي ... يُمْعِنُ في النَّوْحِ إِذَا مَا اشْتَكى
حَنَّتْ إلى المَاضي جِرَاحَاتُهُ ... وَجُرْحُهُ قُدِّسَ لَمَّا مَضَى
آهاً عَلَى نُعْمى تَخَيَّلْتُها ... مَا جَزِعَتْ أَنْ هَدَّمتني ضَنَى
تَعْتَادُني الأَشْجَانُ في وَحْدَةٍ ... لا فَرَحُ يُسْعِدُهَا أوْ سَنَا
دَاجِيَةٍ نَكْرَاَء طَفَّاحَةٍ ... بالسُّهْدِ وَالبَلوَى وَبَرْحِ الأَذَى
العَدَمُ الرَّاعِبُ فيها لَقىً ... تَحْسِرُ عَنْ أَسْرَارِهِ مَا اخْتَفَى
وَالوَهْمُ مَلْمُوسٌ بِهَا بَيِّنٌ ... وَالغَيبُ فِيهَا ماثِلٌ يُجْتَلى
بُلْبُلُكِ الَمسْحُورُ يَا فِتْنتي ... مَاتَ، وَعُشُّ الحُبِّ مِنْهُ خَلا
الوَرْدُ قَدْ جَفَّ عَلى قَبْرهِ ... وَالنَّغَمُ المِطْرَابُ فيهِ ثَوَى
فَأَرْهِفِي أُذْنَكِ تَسَّمَّي ... إِنْشَادِهُ مِنْ جَوْفِ هَذَا الثَّرى
يَاطَيْفَهَا قَاسَمْتَنى وَحْشَتى ... وَظَلتَ في قُربى برغْمَ النَّوَى
عِشْ في فُؤادي بُلْبُلاً نَاغِماً ... وَابْقَ أَنِيساً ليَ طولَ المَدَى
أَسْمِعْني الأَلحانَ عُلْوِبةً ... وَأَنسِني الدُّنيا وَهَذَا الوَرَى
وَطُفْ بِرُوحي عَالماً سَامِياً ... عَاشَ بهِ الحُبُّ وَمَاتَ الْقلَى
تَعْتَنِقُ الأَملاكُ في سَاحِهِ ... وَيُسعدُ المُشتَاقَ فِيه اللقَا
دمشق
أنور العطار