وفي أواخر العصر الأوسط نشأت حركة فكرية جديدة بظهور جيل جديد من الفلاسفة الطبيعيين. وربما كان السبب في هذه النهضة ارتقاء منزلة العامل اليدوي مثل البناء والرسام والمهندس والطبيب من ناحية، والتفكير في الفلسفة الرومانية واليونانية على أساس جديد، وذلك بظهور عصر الإصلاح، أو النهضة العلمية من ناحية أخرى. وقد ظهرت النظرية الذرية للمادة من جديد واستخدمها (فرانسيس باكون) كقاعدة لنظريته في الحرارة؛ واستخدمها أيضاً (روبرت بويل) لتفسير ماهية التغيير الكيميائي. وباستخدامها كذلك تمكن نيوتن من الوصول إلى قانون بويل وكان في هذا أول من توصل إلى تعبير رياضي لنظرية طبيعية. غير أن الفخر يرجع (لجون دالتون) الكيميائي الإنجليزي الشهير في وضع تلك النظرية في شكلها الحالي. فكانت هي الحجر الأساسي الذي بني عليه علم الكيمياء الحديث. وكانت تلك النظرية أيضاً بمثابة الهام لكل باحث كيميائي حديث.
ولما قارب القرن التاسع عشر على الانتهاء كانت نظرية دالتون للدقيقة في أنها النهاية القصوى لكل مادة كيميائية دقيقة لا تتغير ولا يمكن نفوذها يتميز بها كل عنصر عن الآخر، نظرية مقبولة اعترف بها كل علماء العالم تقريباً كأساس لطبيعة الأشياء.
المواد الرديومية. أو المواد ذات الفعل الرديومي:
ظهر كشفان خطيران في السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر: الأول هو الكشف عن المواد الرديومية في عام ١٨٩٦، والثاني الكشف عن الإليكترون في عام ١٨٩٧. لما كان الهدروجين هو أخف العناصر وزناً ظن العلماء أن ذرة الهيدروجين هي أصغر الدقيقات الممكن الحصول عليها، والإلكترون دقيقة وزنها ١ على ٢٠٠٠ من وزن ذرة الهيدروجين. وعلاوة على ذلك يمكن الحصول على الإلكترونات من أي نوع من الذرة. ويمكن القول من هذا أن الذرات لا بد أن تكون ذات تركيب وأنها قادرة على التغيير. وقد أمكن إثبات هذه النتيجة بعد دراسة ماهية المواد الرديومية دراسة شاملة. وقد كان (أندرو بكرل) هو أول من كشف عن المواد الرديومية في عام ١٨٩٦ إذ لاحظ أن أحد العناصر (اليورانيوم) ينبعث منه إشعاعات دائمة تخترق المادة وتؤثر على الألواح الفوتوغرافية وتنتج في الوقت