(باطن الأرض لا زال حاراً منصهراً يبرد بالتدريج، وهو يقل حجماً بالبرودة. ولما كانت القشرة الأرضية صلبة لا يمكنها تقليل حجمها تبعاً لذلك فإنها تتقلص وتغير من شكلها تبعاً لانكماش باطن الأرض فتتخذ الشكل الهرمي).
أي أن باطن الأرض حارٌّ ملتهبٌ منصهر، ولكنه يبرد بالتدريج، فسيجيء وقت مستقبل يصل فيه إلى أقص درجة، أي لدرجة التجمد، وعندها يقل حجمه تبعاً لقانون الانصهار. وبما أن الحيز الذي كان شاغلاً له قبل التجمد سيكون جانب كبير منه بعد ذلك شاغراً، فان القشرة الأرضية أو الغلاف الخارجي سيضطر بفعل الفراغ الداخلي أن يغير من شكله لملئ هذا الفراغ مع عدم تغير في حجمه. وقد وجد الأستاذ صاحب النظرية أن الأرض سائرة في هذه الطريق، وأنها ستتخذ الشكل الهرمي دون سواه لحقائق جغرافية تبرهن على صدق قوله وصحة اعتقاده. ولظنه أن هذا الشكل يمكن القشرة الخارجية من التمشي مع وصول الباطن إلى اقل حجم ممكن دون المساس بحجم الغلاف الخارجي.
(ولو أنني أعرف جيداً أن المعضدين لهذه النظرية أقلية صغيرة إلا أنني أقول إن هناك حقائق جغرافية كثيرة تؤيد وجهة نظري وتبرهن على صحة نظريتي:
أولاً: تركز اليابسة حول مساحة مائية في النصف الشمالي من الأرض.
ثانياً: كل مساحة مائية في جهة يقابلها كتلة أرضية في الجهة الأخرى.
ثالثاً: وجود ثلاثة مناطق مرتفعة تكون عقداً أو أحزمة أرضية شمالية وجنوبية يفصل بعضها عن بعض منخفضات هي منخفضات المحيط الأطلسي والهادي ومنخفض الكاسبيان.
والشكل رقم (١) يساعدنا على فهم ذلك.
وتفسيراً لذلك نقول. أنه لما كانت الأرض في حالة الليونة الأولى وكانت تدور حول محورها بسرعة، أخذت الشكل الكرويكأي جسم لين يدور حول محور، وانبعجت عند خط استوائها ثم تفرطحت عند القطبين بفعل قوة الدوران.
وكانت الأرض في العصر الأيوزوي أقرب في شكها من الكروية التامة تغطيها المياه. فلما أخذت تبرد بدأت القشرة الخارجية في التقلص فظهرت أراضٍارتفعت عن المياه المغطاة بها (شكل ٢ أ). وفى العصر ألباليوزوي مساحة اليابس تتزايد وأخذت الأرض