علَّه مثل شكسبير نبوغا ... أو كملتون سيد الشعراء
فهو كالدرة الثمينة ضاعتْ ... في القرار السحيق تحت الماء
أو كزهر نما بعيداً عن النا ... س فولَّى عبيره في الهواء
قُتلَ الحظ كيف حارب ذا العق ... ل وأرخى العنان للأغبياء
ها هو المضجع الوثير مهَّيا ... للذي يستريح بعد العناء
هو كالواحة الخصبة يسعى ... نحوها من يضيق بالصحراء
حلَّ فيه جماعة ما استفادوا ... من لذيذ الحياة غير الغثاء
لا الوسام الأنيق يسطع في الص ... در جميلا كبسمة العذراء
لا النياشين ضاحكاتٌ عليهم ... كأزاهير روضةٍ غنَّاء
رُبَّ ذي رُتبةٍ أحالته وحشاً ... مجرماً لا يمل سفك الدماء
كان من قبلها ملاكا وديعاً ... فغدا مثل حيَّة رقطاء
خبّروني ماذا يلوح لعيني ... فوق تلك المقابر الخرساء
كل قبر عليه لوحٌ عريض ... مُثقلٌ بالنعوت والأسماء
ينظر الزائر المحبّ إليه ثم يبكى ... على الحبيب النَّائي
كم ثكول أتتْ تزور ضريحاً ... قد ثوى فيه صفوة الأبناء
وصديق يصيح أين صديقي ... كيف أرنو لوجهه الوضَّاء
يقرأ اللوحَ ما على اللوح إلا ... جمراتٌ تشب في الأحشاء
ليت شعري ماذا سيكتب عنى ... حين أغفو في باطن الغبراء
سيقولون عاشق ضَّيع العمر ... وراء الطبيعة الحسناء
يجتلى حسنها الأنيق طروباً ... حيث تبدو في بهجةٍ ورواء
في ابتسام الصباح إذ يتجلى ... في احمرار الأصيل عند المساء
في شطوط البحار والماء ساج ... في المروج الفسيحة الخضراء
تخذ الكون مسرحاً يتسلَّى ... فيه عمَّا به من الأدواء
لا ينال القوت الضروريّ إلا ... بشقاءِ ما بَعده من شقاء
قطع العمر في الحياة فقيراً ... مثل باقي أفرادها الفقراء