ومن الغيب خلفه وهو يجرى ... كيفما كانت الحياة شهودُ
ومضى في الزمان هذا النهار ... وتوالت بما جنى الأخبارُ
وطوى الغيب صفحة في سجل ... سطرته بكفَّها الأقدار
ولكم أضمرت سواها من الما ... ضي ومرَّت فما لها آثار
هكذا فات ذلك اليومُ في العم ... ر وفاتتْ بمثله الأعمارُ
ما ترى الشمس بعد طول اللغوب ... كيف مالت هزيلة للمغيب
وهي تهوى بين السحاب إلى البح ... ر وتخطو إليه خطو الهيوب
وكأني بها على الدهر ملَّتْ ... سعْيَها بين جيئة وذهوب
صورة لو فطنتَ تأخذ بالأل ... باب من حسنها العجيب المهيب
صورة تلك نمّقتها السماء ... كم تغنى بحسنها الشعراءّ
فلقد تبعث السرور وقديها ... تاج منها لدى الشجيَّ البكاء
والتقى البحر بالسماء مع الشم ... س ولكن هيهات هذا اللقاء
خدعة في العيون أم ضلت الأب ... صار أم قد أصابها إعياء
ها هي الشمس مسَّت الأفق مساً ... وارتضى قرصهُا من البحر رمسا
فهوى فيه صامتاً وانتهى الأم ... ر فما تستبين في الكون جرسا
غير همس في الأذن لم تدر معنا ... هـ وخافٍ في النفس يهمس همسا
ربما مال بالنفوس إلى اليأ ... س وإن لم تصب من العمر يأسا
ها هي السحب بين بيض وحمر ... رابضات وبين دُكن وصُفر
لوَّنتها كما تشاء يد الغي ... ب ولم تستعن بدهن وحبر
فتوالت شتى المناظر حتى ... لم تقع مقلة على مستقر
يا لها من يد أجادت لعمري ... ما أجادته بين طي ونشر
فوداعاً أيا رفاق شبابي ... ووداعي الأخير يا أحبابي
ربما دارت الليالي علينا ... فالتقينا من بعد طول اغتراب
إنما نلتقي شخوصاً سوى أش ... خاصنا من بعد هذا الغياب
بدلتنا يد الزمان سوانا ... إن قضت بعد غيبة بالإياب