للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ما أنكر الناس شراً غير ضائرهم ... أينكرون شهياتِ الغريزات

(صوت من الجحيم: إبليس يتكلم):

ناداه في النار إبليس فقال له: ... هوِّن عليك ولا تُوْلَع بإعنات

قد شاء ربك إن الشر عدته ... في صيغة الخير في قَدْرٍ وميقات

أنا الشقيُّ بما لم أجنه أبداً ... من خلق نفسي ومن آثام زلاتي

(قول الثائر الساخط):

فقال ذو شقوة بالجذع منتصب ... يكلمُ الله في نجوى السريرات

أَنزلْ عليَّ شقاء الخلقِ قاطبة ... وطهر الناس من ضَير الجريرات

إن يظلموني فمن بالشر يجبلهم ... أو يصلبوني فمن باري الجنايات

هل يَعذرُ الشر أن الخير غايته ... أم هل تهوَّن آثامٌ بغايات

(مصير الثائر):

فَخُلِّقتْ روحه كالطير سابحة ... في الجو تنشد مخضرَّ النباتات

طارت إلى الملأ الأعلى فما لقيت ... لها قراراً ولم تظفر بمهُوَاةِ

لا في الجحيم ولا الفردوس مسكنها ... حيرى المسالك من فقد القرارات

ترى الملائك حول العرش آسية ... تاسى الملائك من أثم وزلات

(صوت من السماء)

يا ناقم الشر هلا كنت مُضْطلعاً ... بالجزع والصلب قبل الكارث الآتي

عصيت ربك في كبر وفي جهَل ... لما بَرْمت بإيلام الملمات

الخلْقُ للخلق ربح لو فطنت له ... كمغنم الحي من أسلاب أموات

والشر والخير لا يُرْجى افتراقهما ... فارفض إذا اسطعت نعمائي ولذاتي

حتى العقول وحتى الفضل اجمعه ... ولذة النفس في بذل المروءات

ومُرتضى الخير لو يسعى إلى دتس ... لَباَء منه بإخلاف العلالات

ومرتضى الزهد مسعود بعفته ... ولذة المنع إنماء الخيالات

برحمة قد نماها الشر تنقمه ... ورحمة المرء من وخز المصيبات

أن كان سخطك خيراً في مراحمه ... أجزت خلْقي بأرواح رحيمات

<<  <  ج:
ص:  >  >>