صباح جاء ضابط الشرطة مع سرية من الجند إلى حانوت تشلليني، ونبأه الضابط بأنه أضحى سجين البابا، وأنه مكلف بأخذه إلى حصن سانت انجليو حيث يعتقل الأكابر والرجال الممتازون؛ ثم أحاط به عدة من الجند، وجردوه من سلاحه، ثم اقتادوه إلى الحصن، وهنالك ألقي إلى غرفة في البرج الأعلى؛ وكانت هذه أول مرة يذوق فيها مرارة السجن، وكان يومئذ في السابعة والثلاثين
كان حصن سانت انجيلو في ذلك العصر أمنع معاقل رومة؛ ولا يزال الحصن الشهير قائماً على مقربة من قصر الفاتيكان وميدان القديس بطرس، على ضفة نهر تفيري؛ يشهد بطرازه العجيب ومناعته الخارقة بما انتهت إليه هندسة القلاع في العصور الوسطى من الأحكام والتقدم. ولقد أتيح لكاتب هذه السطور أن يزور حصن سانت انجيلو مراراً وأن يتجول في أقبيته ومخادعه المظلمة، وأن يرقى إلى أبراجه الشاهقة، وأن يتأمل طويلاً في جنبات ذلك الأثر المدهش، وهو اليوم يستعمل متحفاً حربياً تعرض في طابقه الأول أسلحة العصور المختلفة، ولكن طبقاته العليا لا زالت خالية تعرض لنا بعض الآثار الغربية، وأخصها الجناح الذي كان يسكنه البابوات كلما التجئوا إلى الحصن، وغرفة نوم البابا بولس الثالث وسريره وكرسيه. على أن أروع ما في الحصن مخادعه المنيعة الواقعة في الجهة الخلفية، وهاوياته السحيقة التي تنساب إلى أعماق مظلمة لا يدرك غورها. وهنالك مخادع معينة، اشتهرت على كر العصور بمن زج إليها من العظماء والسادة؛ فهذا مخدع تقول الرواية إنه هو الذي سجن فيه بنفونوتو تشلليني؛ وهذا مخدع تقول انه هو الذي زج إليه جاليليو، وآخر زج إليه جوردانو برونو وهكذا؛ ولقد لبث هذا الحصن المروع عصورا سجنا لمحاكم التحقيق (التفتيش)، وكان مقبرة لكثير من العلماء والأحبار الذين قضوا نحبهم فيه ضحية المطاردة الدينية؛ ولا يزال السائح المتفرج يشعر فيه برهبة تلك العصور وروعتها
زج بنفونوتو تشلليني إلى مخدع في البرج الأعلى، لا تزال تعينه لنا الرواية حتى اليوم؛ ولبث ثمانية أيام منسياً لا يفاتحه أحد بشيء، وفي اليوم التاسع قدمت إلى السجن لجنة من ثلاثة على رأسها حاكم رومة، ووجهت إلى تشلليني تهمة اختلاس مقدار من الحلي الرسولية وقت أن كان يعمل أيام الحصار بمدفعية الحصن، وأسر إليه البابا كليمنضوس أن