تشابه الرجلان وامتزجت آثارهما، وبعضهما ببعض كما امتزجت - بعد ذلكم وقبله - بالكثير من آثار غيرهما من الشخصيات الجحوية وما إليها. وما أضيف عليها مما تخيله المتخيلون، وانتحله المنتحلون، حتى أصبحت كلمة (جحا) الآن كافية للتعبير عن كل جحا، في كل عصر، وفي كل أمة كما أصبحت كلمة (خرافة) أيضاً كافية للتعبير عن كل حديث خيالي لا حقيقة له: قديما كان أو حديثا، رائعاً أم سخيفا، عربيا أم أعجميا، شرقيا أم غربيا، وقد اصبح الرمز الجحوي - على توالي الأجيال أشبه بالرمز الجبري، فإن (س) تارة تساوي مليونا من الجنيهات، وتارة تساوي عشر تفاحات، وثالثة ست دجاجات، ورابعة صفراً.
وقد ألف (كارليل) - فيما يعلمه الكثيرون منكم - كتاب الأبطال، فتحدث عن البطل في صورة نبي، والبطل في صورة زعيم، والبطل في صورة قائد، والبطل في صورة شاعر وهكذا.
وسيرى المتتبع لتاريخ جحا وما نسب إليه من أخبار كيف سلك المتحدثون عنه مثل هذا المنهج، أو قريب:
فمثلوا لنا جحا في صورة فيلسوف، وجحا في صورة أبله، وجحا في صورة قاض، وجحا في صورة متقاض، وجحا في صورة سارق، وجحا في صورة مسروق، وجحا في صورة