عيونهم ويصمون آذانهم عن أعاجيب الفن والشعر التي تجعل من هذه الأرض المتواضعة سماء لا تطاولها سماء.
إن بيتاً واحداً من الشعر الرفيع ليفعل في النفس ما لا تفعله هذه المخترعات الحديثة وهذا العلم الحديث.
وأي عالم نتخيله وقد امتلأ بالمهندسين والعلماء بلا شعر ولا حب ولا أهواء. وكيف يشعر ويحب ويغني القانع الراضي القرير؟ إنما الحب نبت لا يزكو إلا بالدموع والبكاء
إنه لمن الخير أن ننسى الألم وان نرضى بنصيبنا من هذا العيش الذي يتداول فيه الخير والشر والعسر واليسر كما يتداول الليل والنهار.
الغباء:
الغباء شرط لازم - لا أقول للسعادة - بل للحياة. فلو عرفنا كل شيء لما استطعنا أن نعيش ساعة واحدة.
إن هذه الأشياء التي يحلو بها العيش أو يطاق إنما تقوم في الواقع على الوهم والغباء.
الشيوخ:
عندما يشيخ المرء يزداد تمسكاً بآرائه؛ ولذلك يعمد سكان جزيرة فيجي إلى قتل الشيوخ، وبهذا ييسرون تقدم الإنسانية ونحن نفعل النقيض بتأسيس الأكاديمية.
الكتب:
قالت لي فتاة صغيرة - وفي قولها حكمة غابت عن كثير من الحكماء - إننا نجد في الكتب ما لا نجده في عالم الواقع من أشياء مضت وانطوت فلا تعود، أو أشياء متوقعة نتخيلها ولا ندركها على التحديد. فهي صورة قاتمة واهمة. وإني أرى أن من الخير إلا يقرأ الكتب الصغار. ففي الحياة أشياء كثيرة أحق باهتمامهم: البحيرات والأشجار والأنهار والحدائق والبحار والسفين في الماء والنجوم في السماء. وإني لأشاركها هذا الرأي فإننا نملك ساعة من العمر لنحياها، فلماذا نقضيها في البحث عن أشياء كثيرة لا يضيرنا أن نجهلها ما دمنا لا نعرف عنها كل شيء. إنا نعيش كثيراً في عالم الكتب وقليلاً في عالم الطبيعة، ونحن في ذلك أشبه بذلك الكاتب الذي ظل يدرس كاتباً يونانياً قديماً بينما كان بركان فيزوف